السيدة الأولى خلال إطلاق برنامج “الكشف المبكر عن نقص السمع” لدى حديثي الولادة: سلامة أطفال أي وطن تعبّر عن سلامة مجتمعه وأجيالهِ ومستقبله
دمشق – سانا
أكّدت السيدة الأولى أسماء الأسد أن الكشف المبكر عن نقص السمع لدى حديثي الولادة ممكن ومتاح، ونتائج العلاج فعالة إلى حدٍّ كبير، في حال تم التدخّل المناسب في الوقت المناسب، مشيرةً إلى أن هذه المسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، وهي تشكل روح البرنامج الوطني للكشف والتدخّل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة.
جاء ذلك خلال كلمة للسيدة الأولى أثناء إطلاق البرنامج الوطني للكشف والتدخّل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
“السيداتُ والسادة:
لا يخفى على أحد منكم أن الرعاية الصحية هي واحدة من أهم معايير تقدّم ورقيِ المجتمعات…. لكونها تعبّر عن الوجهين الإنساني والإنتاجي لها وما يحمِلان من مضامين تنموية واجتماعية، على اعتبار أن بناء الإنسَان السليمَ المعافى هو مسؤولية إنسانية وأخلاقية.
لقد كان توفّر العلاجات الطبية للمرضى هو المحور الأهم لقياسِ التقدّم في مجال الصحة العامة عبر العقود الماضية، لكن التطور العلمي الكبير الذي تحقق عالمياً في هذا المجال قد بدّل المعايير، بحيث أصبحت الوقاية اليوم من الأمراض هي المعيار الأهم متفوّقة على العلاج والعناية الطبية اللاحقة، فالوقاية تخفض من نسبة حدوثِ المرض في أحسن الاحتمالات، وتجعل العلاج أكثر فاعلية في أسوئها.
كما أنها تساهمُ في تخفيض التكاليف الباهظة للرعاية الصحية والتي تُشكّل عبئاً كبيراً جداً حتى على موازنات الدول الغنية، فكيف سيكون الحال لِدول محدودة الموارد، محاصرة، محاربة؟ ستكون أهمية الوقاية مضاعفة بكلِ تأكيد.
وإذا كان الإنسان هو منطلق ومستقر أي عمل إنساني أو خدمات طبية تُقدَّم فإن الأطفال يحتلون المرتبة الأولى في هذه الخدمات، فسلامة أطفال أي وطن تعبّر عن سلامة مجتمعه وأجيالهِ، وبالتالي سلامةِ مستقبله.
وبمقدارِ ما يتّسمُ الطفلُ بشدّة التأثر وسُرعةِ العطب بمقدار ما يتميز بسُرعةِ التجدّد والشفاء. وأكثر الأمراض شفاء لديهِ هي نفسها أكثر الأمراضِ إعاقة لِصحَته، وهي بالطبع الأمراض المتعلقة بالحواس، لِما تشكّل من أساس النمو المعرفي والتواصلي للأطفال، وفي مقدّمة هذه الحواس أهميةً (حاسة السمع)، فالطفل الفاقد لها – كما ذكر السادة الأطباء والمختصون منذ قليل – هو فاقد للكلامِ أيضاً، غير قادر على التواصل ولا التفاعل مع محيطه، غير قادرٍ على التعلمِ ولا التطوّر، لكنه وفوق كلِ ما سبق.. هو عِبءٌ على ذويه ومجتمعه ووطنه دون ذنب منه، بل بتقصير منا، عائلةً أو مجتمعاً، أو دولة، وخاصةً أنَ الكشف المبكر لهذا المرض ممكنٌ ومتاح، ونتائج العلاج فعالة إلى حدٍّ كبير في حال تم التدخّل المناسب، في الوقت المناسب، فإذاً المسؤولية تقع علينا جميعاً بدءاً من الأهل والمؤسسات المعنية، مروراً ببروتوكولات تشخيص الحالة في مراحلهِا المبكرة، وصولاً إلى المعالجة التخصصية.
إن هذه المسؤولية المشتركة بين كل الجهات السابقة هي التي تشّكل روح البرنامج الوطني للكشف والتدخّل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة الذي نطلقه اليومَ، والذي لا ينطِلق من الصفر، إنما من مرحلة متقدّمة مبنية على تجربة وطنية عمرها سنوات تراكمت عاماً بعد عام واستندت إلى تأهيل عالٍ للكوادر الطبية والفنية التخصصية، وإلى مراكز جديدة وتجهيزات حديثة.
وإذ يشكّل البرنامج الوطني خطوةً مهمة إلى الأمام في المجال الصحي، فهو أيضاً تجسيد حي للسياسات الصحية العامة التي بدأت سورية بانتهاجها وبخطا متسارعة.
ورغم أن التحدّيات على المستوى الوطني كبيرة ومتعدّدة، إلا أنها لم ولن تكون مبرّراً لعدم السير قُدماً والإنتاج والإنجاز على مختلف الصعد وفي شتى المجالات. فاعتلال قطاعٍ أو جزءٍ من قطاع، لا يعني عدم التقدّم في قطاعات أخرى، وكما المرض بحاجة لعلاج مناسب وفي وقت مناسب، كذلك الأزمات مهما تعقّدت فالخروج منها لن يكون إلا بالعمل الصحيح، والتوقيت المناسب، والعمل الدؤوب.
السيداتُ والسادة، وقبل الختام:
إن هذه الدقائق القليلة التي استمعتم مشكورين فيها لكلمتي هي نفسها مُدة الفحص، هي نفسُها -إن أغفلناها- ما تفصل هذا الطفل عن عالمه لبقية حياته، سمعاً وتواصلاً وكلاماً، هي دقائق ستمكن آلاف الأطفال أن يكونوا أطفالاً كاملين في مجتمعاتهم بدل أن نحرمهم حقهم بالكشف المبكر، بالتقصير أو الإهمال.
فلنقم بواجبنا تجاههم أسرة، مجتمعاً ومؤسسات لكي تتحقق الغاية الأسمى، وليكون لكل طفل صوت يُسمع.
شكراً”.