مجلة البعث الأسبوعية

تفاح طرطوس من ضحايا التغييرات المناخية.. الفلاحون خاسرون وصندوق الكوارث لن يعوّض!

البعث الأسبوعية – دارين حسن   

أثرت الظروف الجوية في ربيع هذا العام على أشجار التفاح، فتساقطت البراعم وحتى الأوراق نتيجة البرد، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير عن العام الماضي وبقي الفلاح يصارع تبعات التغييرات المناخية من جهة، وعدم وقوف الجهات المعنية بالدعم والتعويض من جهة أخرى، لتتفاقم الخسائر وتتضاعف الهموم والحسرات وتتراكم الديون على الفلاحين الصامدين في بيادر الغلال والخير والإنتاج!

لا دعم يذكر!

المزارع حسن من ريف صافيتا، أشار في حديثه إلى ارتفاع أسعار كافة مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات حشرية وفطرية وعبوات بلاستيكية، إضافة إلى ارتفاع أجور التبريد علماً أن مزارع التفاح لا يحصل على أي دعم من الزراعة كالسماد والمحروقات، كما أنه لا يحصل على قروض ميسرة من فرع التحول للري الحديث كون التفاح غير مدرج بالزراعات المدعومة.

صعوبة الخزن والتبريد!

ولفت المزارع حسن إلى أن وحدات الخزن والتبريد تعامل على أنها منشآت صناعية وليست زراعية ويحتسب المازوت المقدم لها على أنه صناعي وسعر اللتر منه /٥٤٢٠/ ليرة بعد إتمام كافة الوثائق المطلوبة والمرهقة للفلاح من عدة جهات كالتموين ومديرية الصناعة وسادكوب والمحافظة لإنجاز محضر وتقدير الكميات المستحقة، علما أن العداد الكهربائي المستخدم لخطوط التبريد يعتبر زراعي أما المازوت المقدم يحتسب على أنه صناعي مما يدفع المزارعون إلى ترك موسمهم وعدم تبريده، ما يسبب انخفاض كبير في سعر المبيع وعزوف عن الزراعة واستبدال التفاح بأشجار أخرى!

تلف

وأشار حسن إلى تعرض الإنتاج لظروف جوية سيئة من موجة صقيع وبرد ولم يعوض الفلاح من صندوق الجفاف والكوارث، وأن الإنتاج في كامل قرية سبة لا يعادل ٥% إثر تعرضه لعاصفة برد أتلفت ٧٠ % منه، وبالتالي يتم تسويقه بطرق الفلاحين الخاصة، مشيراً إلى أنهم يخضعون لابتزاز واستغلال تجار سوق الهال، مبينا أن تكلفة كغ التفاح ألف ليرة وتم تسويقه بـ/١٣٠٠/ ليرة دون أجور نقله إلى سوق الهال بطرطوس.

شعار محزن!

ولفت حسن إلى أن الوضع إن بقي على حاله سيعزف المزارعون عن الزراعة والاهتمام بشجر التفاح وقد يقطعونه ويتدفأون عليه، وسيستبدلون شعار “ازرع ولا تقطع” بشعار ” اقطع ولا تزرع”، مطالباً باحتساب مازوت الخزن والتبريد على أساس زراعي أسوة بمحافظة السويداء ودعم شجرة التفاح بالسماد الآزوتي اللازم، وتفعيل صندوق الجفاف لدعم وتعويض المزارعين الذين تعرضت مواسمهم إلى كوارث طبيعية، إضافة إلى تشميل زراعة التفاح ضمن الزراعات التي يمولها فرع صندوق التحول للري الحديث.

أدوية عديمة الفعالية!

وفي السياق تحدث رئيس جمعية البطار التابعة لمشتى الحلو، غسان مخول قائلا: توجد ثلاثة شهور في العام حاسمة في إعطاء موسم جيد أو سيء، وهي آذار ونيسان وأيار إثر الرطوبة التي تزيد الأمراض والتي تتم مكافحتها بأدوية غير فعالة وغير مكفولة كونها مهربة وتأتي عن طريق التجار.

وأشار مخول إلى الظروف الجوية التي أثرت في الموسم هذا العام، حيث سقط البرد ست مرات متتالية في الربيع ما أدى إلى تساقط الزهر والورق فتراجع الإنتاج بشكل كبير وبعد أن كان إنتاج  العام الماضي مئة ألف طن فإنه لا يقترب من الطن لهذا العام في كامل قرية البطار.

التعويض العادل

وأضاف مخول: رفعنا طلب إلى مديرية الزراعة بتضرر الموسم فلم يقتنعوا لأسباب نجهلها، قد يريدون وجود ثمرة مضروبة ولكن البرد نال منها قبل أن تنضج متسائلا: ما ذنب المزارع إن خسر محصوله؟ علما أن قرى الجوار كالجويخات وعيون الوادي وخدية وبيدر ربيع التابعة لمحافظة حمص قد تمت الموافقة على تعويضها، مطالبا بالتعويض العادل أسوة بقرى الجوار.

بيانات وأرقام

تبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالتفاح / ٣١١٢،١١ / هكتارا موزعة في مناطق صافيتا والدريكيش والشيخ بدر وبانياس والقدموس، وفقا لرئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصصة في مديرية زراعة طرطوس المهندس محمد غانم عبد اللطيف، مبينا وجود صنفين هما كولدن وستاركن إضافة إلى أصناف أخرى مبكرة مثل الحزيراني وجمال روما وايرلي كولد، ويبلغ عدد الأشجار الكلي / ١٠٣٦٢٧٦/ شجرة منها / ٩٤٢٧٩٤/ شجرة في طور الإثمار.

ضعف الإنتاج

رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش أكد أن نسبة الأضرار بموسم التفاح لهذا العام بسبب البرد الذي أصاب الثمار وصلت إلى ٥٠ % في قرية سبة بريف صافيتا وتفوق الـ٦٠% في قرية البطار التابعة لمشتى الحلو، كما لم يخل تفاح الدريكيش من أضرار لم تقدر نسبتها بعد، مشيرا إلى التأثير السلبي للبرد على نوعية وكمية الإنتاج وبالتالي سيكون الإنتاج أضعف بكثير هذا العام من العام الماضي.

مطالب محقة

 

وأضاف علوش: إن شجر التفاح يحتاج إلى مناخ معين، ومن شروط نجاح زراعته البرودة لذلك لا تصلح زراعته إلا على ارتفاع ٤٠٠ – ٦٠٠ متر فوق سطح البحر، لذلك فالتوسع بالزراعة بسيط جدا ومن لديه شجر يحافظ عليه.

وطالب رئيس الاتحاد بزيادة عدد ساعات التغذية للمزارعين ليتمكنوا من وضع تفاحهم في البرادات أو تأمين المازوت لزوم تخزين المادة وتأمين مستلزمات الإنتاج من أسمدة آزوتية ومازوت للسقاية، والتسويق من قبل السورية للتجارة بما يتناسب مع سعر الكلفة، إضافة إلى تأمين أسواق خارجية أوقات ذروة الإنتاج لأن إنتاج القطر من التفاح يفوق الاستهلاك المحلي ونتيجة قلة الكهرباء والكلفة العالية للبرادات الخاصة وعدم توفر المحروقات.

لا تستحق التعويض!

بدوره رئيس دائرة صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية د. حيدر شاهين أفاد بأنه لا يوجد أضرار على بساتين التفاح لهذا العام تستحق التعويض في المناطق المذكورة “قرية البطار بمشتى الحلو”، وبالتالي لن يتم التعويض على مزارع واحد!

وأضاف شاهين: تعرضت بساتين التفاح هذا العام في قرية البطار التابعة لمشتى الحلو في منطقة صافيتا بتاريخ /١٣/ نيسان إلى موجة برد خفيفة وكانت الأشجار في طور الإزهار وتفتح البراعم الزهرية وبالتالي لم تترك أثرا كبيرا وضارا على محصول التفاح المتوقع وبذلك لم تتحقق شروط التعويض، أما بالنسبة للقرى الحدودية التابعة لمحافظة حمص فقد تعرضت لموجة برد شديدة سببت أضرارا على محصول التفاح تستحق التعويض وفق الشروط الناظمة لعمل الصندوق.

شروط ناظمة ولكن!

وعن شروط التعويض، بين رئيس دائرة الصندوق أنه يتم توزيع المستحقات المالية حسب القوانين الناظمة لعمل الصندوق، وهي أن تتجاوز نسبة الضرر ٥% من مساحة الوحدة الإدارية أو القرية وأن تتجاوز نسبة الضرر ٥٠ % على المحصول، وأن يكون المزارع حاصل على تنظيم زراعي أو كشف حسي سابق لتاريخ الضرر.