مجلة البعث الأسبوعية

الجمعية العمومية لكرة القدم اجتماع لا يقدم ولا يؤخر أعضاء المؤتمر غير قادرين على إقرار أي شيء وأفكارهم مجرد طروحات واقتراحات

البعث الأسبوعية – ناصر النجار   

الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم هي تعبير عن المؤتمر السنوي العام لاتحاد كرة القدم وهو بأصل القانون السلطة الأعلى المخولة بقيادة كرة القدم ويمكن أن تلعب دور المحاسب للاتحاد وقد تحجب الثقة عنه في الحالات الضرورية لأسباب معللة.

لكن بالعرف العام فإن المؤتمر السنوي لم يعد يقدم أو يؤخر شيئاً وهو اجتماع لتبادل المصالح، فأعضاء الاتحاد يبحثون عن رضا أعضاء المؤتمر من أجل الأصوات الانتخابية، وأعضاء المؤتمر يبحثون عن رضا أعضاء الاتحاد لكسب المنافع الشخصية من خلال الفوائد الناتجة عن مراقبة المباريات والاشراف على التجمعات وعضوية اللجان المهمة وما إلى ذلك من فوائد هنا وهناك كمشروع تطوير الكرة السورية وكالدورات الادارية والفنية التي تقام في كل حين وككسب مقعد في المنتخبات الوطنية وغير ذلك.

وهذا كله لا يمنع من وجود (شوشرة) في المؤتمر يقوم بها البعض من أجل المصالح الشخصية أو مصالح بعض الأندية الخاصة قد لا تتفق مع المصلحة العامة لكرة القدم.

وللأسف وكما جرى عليه العرف في السنوات الماضية فإن المؤتمر السنوي لم يعد أكثر من اجتماع كروي بين الأعضاء دون الخروج بقرارات مهمة تصب في مصلحة كرة القدم وتطويرها.

اتحاد كرة القدم هو السلطة التنفيذية الذي يتولى إدارة اللعبة الشعبية فيصدر القرارات ويعين اللجان ويدير المسابقات ويرعى المنتخبات وما إلى ذلك من أعمال ومهام، ومع ذلك لا يوجد أي رقابة عليه باستثناء الرقابة المالية، لذلك فهو الذي يفرض كل شيء على الأسرة الكروية ولا يوجد أي مراجعة لأي قرار خصوصاً القرارات الخاطئة التي تصدر عن قصد أو غير قصد.

لذلك فإن أعضاء المؤتمر غير قادرين على إقرار أي شيء وقد تكون أفكارهم مجرد طروحات واقتراحات تذهب في الفضاء.

المؤتمر الذي انعقد قبل أيام لم يكن إلا نسخة مكررة عن سابقيه، وهو المؤتمر الأول في عهد اتحاد كرة القدم الجديد لأن مؤتمر العام الماضي كان استثنائياً وعقد لمناقشة أمور بسيطة وإقرار لجنتي الانضباط والأخلاق والاستئناف.

المشكلة الدائمة

كل اتحاد جديد لديه مقولة واحدة: (ورثنا حملاً ثقيلاً) وهذا ما ردده الاتحاد الحالي الذي وصف في أكثر من مناسبة العمل بأنه كان صعباً وصرف أغلب الوقت في تصحيح أخطاء السابقين، وهذه للأسف مشكلة الكرة السورية، فكل اتحاد له تفكيره ونهجه وأسلوبه، ومن الصعب أن نجد اتحاداً يثني على من قبله أو يمتدح عمله، لذلك انقطاع العمل وعدم استمراره يضر بكرة القدم بشكل عام، ناهيك عن الجزئيات الأخرى وأكثرها ضرراً أن كل اتحاد جديد يأتي بمناصريه وداعميه ويبعد الأخرين لقناعتهم بعملية الولاء التي يجب أن تكون لهم، والمفترض أن يكون الولاء لكرة القدم، فكل اتحاد يصرف اللجان العليا السابقة ويشكل أخرى ليسدد أثمان الأصوات الانتخابية بعيداً عن عاملي الكفاءة والخبرة والإبعاد أيضاً يكون لعدد من الموظفين والمتعاقدين وقد يكون هذا الإبعاد لأسباب شخصية أيضاً.

هذا هو المرض الحقيقي لكرتنا، لذلك لا يصل أي اتحاد إلى مرحلة النضوج إلا بوجود أفضل خبراء اللعبة في كل المفاصل، لكن عملياً فإن الوجود لا يكون إلا لأهل المصالح فقط.

ومن هذه الحالة نشير إلى مثال واحد وعلى ضوئه فلنقس بقية الأمثلة وحال اللجان العليا الأخرى، ومثالنا الحالي لجنة الحكام، فكيف ندع خبيراً آسيوياً ومحاضراً تحكيمياً صار له باع في آسيا وعند العرب ولا نستفيد من خبرته؟

لكن الأسئلة التي تطرح نفسها: هل بات لزاماً على أعضاء الاتحاد أن يكونوا رؤوساء اللجان العليا والمشرفين على المنتخبات الوطنية؟ وهل يمكننا اختصار كرة القدم ببضعة أشخاص قد لا يكونوا الأكثر خبرة وفهماً في عالم كرة القدم؟ وإذا كان عضو الاتحاد مشرفاً على منتخب ما، فمن سيحاسبه؟ وإذا كان عمل لجنة عليا بأي اختصاص خاطئ، فمن سيقّوم عمل هذه اللجنة التي يرأسها عضو من اتحاد كرة القدم؟

المفترض من اتحاد كرة القدم أن يترفع عن هذه المناصب، وأن يعين خبراء من كرتنا لرئاسة اللجان العليا وللإشراف على المنتخبات الوطنية.

مهمات غريبة

على سبيل المثال أضعنا وقتاً كبيراً وأهدرنا مالاً وفيراً بالتعاقد مع مارك فوته والمدرب الهولندي الأخر، ولو أن اتحاد كرة القدم اسند مهمة الاشراف على المنتخبات التي تولاها الهولندي إلى خبير كروي ما استمرا بمهمتهما حتى اللحظة، لأن الخبير سيكتشف المستوى وسيعرف خبرة هذا المدرب، ولديه القدرة على تقديم دليل على عدم صلاحية المدرب أو جواز صلاحيته، لذلك نحن نهدر أوقاتاً بلا طائل وننفق أموالاً بغير مكانها الصحيح لأننا لا نضع الرجل المناسب في المكان المناسب ولا نعين مشرفين خبراء على المنتخبات الوطنية، وكل همّ المشرفين للأسف بات الظهور والسياحة والسفر وهو داء عضال لم تشف منه كرتنا.

ومن خلال مراقبتنا لأعمال الاتحاد نجد أن مهمات السفر موزعة على الجميع، لكن البعض يحظى بدعم أكثر من خيره، فالسفر واجب له لأنه يملك (كاريزما) جيدة في التصوير وتوزيع الابتسامات، ولا يهم موضوع المنتخب واسمه وهويته بالبطولة التي تنتظره، لأن الأهم السفر، فسافر هذا العضو مع السيدات والناشئات والناشئين والرجال رغم وجود المشرفين من أعضاء الاتحاد مع هذه المنتخبات فكان عضواً ثانياً في البعثة ولا تهم ما تسميته في البعثة

ولأن الجميع من أعضاء الاتحاد يهوون السفر فقد وجدنا أن بعض المنتخبات ضمت في بعثتها عضوين من اتحاد الكرة، ولأن هذا العمل خاطئ فقد عمد اتحاد الكرة على عدم نشر أسماء المرافقين والاداريين مع المنتخبات خشية تناول هذا الخرق من قبل وسائل الإعلام.

عضو اخر من الاتحاد يهوى السفر ويظن نفسه خبيراً فيتدخل مع المدرب هذا والإداري ذاك ويتباهى أمام وسائل الإعلام أنه ترأس كذا بعثة وكأنه فارس زمانه وتناسى أنه مع كل سفرة يعود منها المنتخب يأتي محملاً بالأوجاع والمشاكل والاستقالات من هذا المدرب أو ذاك الإداري فضلاً عن تململ الكثير اللاعبين يرافقه الكثير من الاعتذارات من اللاعبين المحترفين عن الالتحاق بالمنتخب خشية الصدام مع هذا العضو أو ذاك.

مشكلة إدارية

أمام هذا وذاك لا نستغرب مثل هذا التراجع في منتخباتنا، وهنا نتذكر كيف ظهر المنتخب الأولمبي في العراق بشكل سيء في بطولة غرب آسيا، وإذا عرف السبب بطل العجب، فالتدخل غير المنطقي من المشرف على المنتخب في شؤون المدرب واللاعبين أسفر عن هذا الفتور وهذا التململ من كرة القدم.

المشكلة في المنتخبات أننا لا نملك إداريين على مستوى عال، فقبل أن نملك المدرب الجيد علينا أن نملك الإداري المتميز، فكل نجاح في كرة القدم يبدأ من العمل الإداري المنظم، والمشكلة أن كرتنا مازالت تجهل هذا العمل الاحترافي، وعلى ما يبدو فهم البعض أن إدارة المنتخب تقتصر على اللباس والجلوس في المنصة والتصوير والتصريح!

اتحاد كرة القدم للأسف فشل في إدارة المنتخبات الوطنية، فلم يحقق أدنى المطلوب، المنتخبات في الفترة السابقة خسرت هويتها والتخبط كان عنوان المرحلة وخصوصاً منتخب الرجال وقد ابتدع الاتحاد فكرة اللاعبين المحليين فتعرض المنتخب لسبع خسارات مقابل السياحة والسفر وتسويق بعض اللاعبين والمدربين للأسف.

مشكلة المنتخبات الوطنية ليست مشكلة مدرب ولا لاعبين، هي مشكلة إدارية بالدرجة الأولى ونحن حققنا الصفر على صعيد قيادة وإدارة المنتخبات الوطنية، واليوم نجد العجب العجاب من خلال استدعاء (٤٠) لاعباً للمنتخب الأولمبي، مع العلم أن هذا المنتخب ومجموعة اللاعبين قد تمت تجربتهم سابقاً في المعسكرات وجميع البطولات الرسمية وغير الرسمية ولاعبونا مكشوفون ومعروفون فلماذا العودة إلى نقطة الصفر وتجريب لاعبين جدد؟ فما الغاية من ذلك؟ وهل هذا القرار لتمرير البعض من اللاعبين ليكونوا مع المنتخب الأولمبي في مشاركاته القادمة، ليس هناك من مبرر لكل هذا لأن الشهر القادم مملوء بالمشاركات ولا نظن أن اللاعبين الجدد سيأخذون موقعاً في المنتخب، لكن يمكن تمرير من نريد أن يمروا من هؤلاء اللاعبين.

مناصب جديدة

وبعيداً عن هذا وذاك فإن أعضاء الاتحاد يتسللون إلى المواقع الخارجية في الاتحاد العربي واتحاد غرب آسيا والاتحاد الآسيوي من باب موقعهم في الاتحاد وليس من باب الخبرة والكفاءة، وإذا علمنا أن هذه المواقع هي أمانة ومسؤولية لأن ممثل كرتنا فيها يجب أن يكون الأفضل والأكثر خبرة ليكون خير سفير لبلدنا ولكرتنا، لكن للأسف فإن هذه المناصب الخارجية توزع على الأعضاء المتنفذين ولا يهم إن كان هذا العضو مؤهلاً، لذلك نجد أن كرتنا غابت عن الكثير من المواقع المهمة لضعف الكوادر المرشحة ولعدم أهليتها.

بالحديث عن الجانب الإداري فأننا نلحظ ضعفاً واضحاً بعملية إدارة المباريات على صعيد الحكام أو المراقبين لأن هذا الموضوع لا يستند بمجمله إلى المصلحة العامة.

فالمراقبون على درجات، وهنالك من لهم الميزات العليا فتراهم موجودون في ملاعبنا بكل الدرجات والفئات، وهناك الأقل دعماً الذين يقتصر تكليفهم على المباريات الأقل أهمية وبعدد قليل من المباريات من باب اسكاتهم ليس إلا.

وبكل الأحوال فإن القليل من المراقبين الذين يعرفون مهامهم ويعملون بإخلاص، بينما هناك الكثير الذين يدخلون هذه المباريات من أجل الفوائد الشخصية فقط ويعتبرون ذلك حقهم وخصوصاً أولئك المتنفذين أو الذين يملكون أصواتاً انتخابية.

بكل الأحوال ومن مبدأ عملنا المهني في الإعلام فإننا نشير إلى بعض الأخطاء من باب التبيان وكشف العيوب والأخطاء والعثرات، فقد يكون اتحاد كرة القدم غير منتبه لهذه الأخطاء وغافل عنها، وهي اليوم بين يديه ليعالجها ويصحح مسيرته ويقوّم هذه الأخطاء ومرتكبها على أمل أن نرى الموسم القادم أفضل من سابقيه، وهو مرهون بقناعة القائمين على العمل الكروي.