الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

الشهباء متحف مفاهيمي من الألف إلى الياء

غالية خوجة

لن يخطر على بالك وأنت تخطر في الأحياء والأزقة القديمة في حلب أن تصادف متحفاً مفاهيمياً في الهواء الطلق، يرتفع بين موجوداته العلم العربي السوري.

هذه المدينة العتيقة تشتهر بحضارتها العريقة كما تشتهر بمزاج سكانها الأدبي الطربي الفني المحب للغرائب حتى بين آثار الخرائب، مزاج متحدٍّ بإيجابية هو جزء من تكوين الإنسان الحلبي وعائلاته المعتادة على الجلوس أمام دُور البيوت لتداول الأحاديث وتناول المشروبات مع الجيران وأهالي الحي وكأنهم أسرة واحدة.

وتبدو أحياء حلب مشاهد مفاهيمية تركيبية تجعلنا نظن أننا أمام متحف في الهواء الطلق سواء رأيناه في حي التلل أو حي الفرافرة أو حي القصيلة وباب النيرب أو أي حي حلبي آخر، مثل حي الهزازة الذي يمر به العابر إلى التلل والنيال وساحة الحطب والجديدة وساحة التنانير وعوجة الكيالي والسبع بحرات.

والملفت أن تجتمع النباتات واللوحات والقطع والأدوات الحجرية والفخارية والمعدنية الأثرية المختلفة التي تستخدم لإعداد الطعام مثل “الكبة”، أو لزراعة الشجر، أو لتكون “جرن” حمام، إضافة إلى أقفاص ملونة للعصافير والببغاوات.

ولكل قطعة أثرية من هذه القطع “الأنتيكة” حكايات وذكريات ترويها لمن عايشها، أو للجيل الجديد وهو يعبر من هنا منتبهاً إلى العريشة التي تتشابك معها أغصان شجرة العنب “الكرمة”، التي تذكّرنا بالكرَم، فنعبر ونحن محدقين في اللحظة المعلقة بين السماء والغيم والأرض والزقزقة وأحوال العابرين ومواء القطط المتجولة بحرية وطمأنينة مطلقتين في هذا المشهد العابر بين ذكرياتنا وحياتنا.