فضائح تكشف الدور الأمريكي في عرقلة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا
موسكو – واشنطن – تقارير
كشف الكاتب الصحفي تيد سنايدر في مقال له بـ “المحافظ الأمريكي”، ثلاث محاولات منفصلة للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، قدّم فيها الطرفان تنازلات معقولة واقتربت إحداها (في إسطنبول) إلى حد التوقيع على تسوية سلمية بين الطرفين المتصارعين، إلا أن الولايات المتحدة أوقفت المفاوضات الثلاث.
في 25 شباط 2022، وبعد يوم من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، أعرب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عن استعداده للتخلي عن مسعى بلاده للحصول على عضوية “الناتو”، وأعلن كذلك أنه لا يخشى التفاوض بشأن الحياد والضمانات الأمنية مع موسكو. كان هذا التنازل بمثابة العلامة الأولى على أن كل من أهداف روسيا وأوكرانيا قد تتحقق، وأن الحرب يمكن أن تنتهي بتسوية دبلوماسية.
وفي يوم 27 شباط، وبعد 3 أيام فقط من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، أعلنت روسيا وأوكرانيا أنهما ستجريان محادثات في بيلاروس. كان الوفد الأوكراني ذاهباً برغبة التفاوض بشأن الحياد. بعد الجولة الأولى من المفاوضات، عاد الوفدان لإجراء مشاورات، بعد أن حددا الموضوعات ذات الأولوية. كان من الأمور المشجعة أنه تم الاتفاق على جولة ثانية من المفاوضات، وقد عقدت تلك الجولة في بيلاروس، على الحدود بينها وبين أوكرانيا في 3 آذار.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن أوكرانيا كانت على استعداد لمناقشة الحياد و”إنهاء العمليات العسكرية”، فإن الولايات المتحدة لم تكن على استعداد لذلك. وفي 25 شباط، في نفس اليوم الذي أعرب فيه زيلينسكي عن استعداده للحوار، وعدم خشيته من الحديث عن الوضع المحايد، سئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في مؤتمر صحفي حول رأيه في المحادثات بين روسيا وأوكرانيا فقال: “إننا نرى أن موسكو تقترح أن تتم الدبلوماسية عند فوهة البندقية. تلك ليست دبلوماسية حقيقية. وليست هذه شروط الدبلوماسية الحقيقية”، وحينها قالت الولايات المتحدة لا لمحادثات بيلاروس.
كشفت المفاوضات الثانية عن فرصة جديدة لإنهاء العمليات العسكرية، حيث كان هناك مرة أخرى عرض أوكراني بالحياد، إلا أن الولايات المتحدة وقفت أمامها من جديد، ليتضح نمط السياسة الأمريكية بشأن الأزمة الأوكرانية.
بعد ذلك، وفي أوائل نيسان عام 2022، انتقلت الجهود المبذولة في المفاوضات إلى إسطنبول. كانت تلك المحادثات هي أكثر المحادثات المثمرة على الإطلاق، حيث نتج عنها بالفعل تسوية “متفق عليها مبدئياً”. فبحلول 20 آذار كان زيلينسكي قد أدرك بالفعل أن أبواب “الناتو” المفتوحة له لم تكن سوى خدعة.
في محادثات إسطنبول قدم زيلينسكي وعداً بعدم الانضمام إلى “الناتو”، وفي 29 آذار، قال المفاوضون الأوكرانيون إن كييف مستعدة لقبول الحياد إذا قدمت الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضمانات أمنية ملزمة بموجب اتفاق دولي.
ونشرت حينها كل من فيونا هيل وأنجيلا ستنت في مجلة “فورين أفيرز” أنه وفقاً لعدد من كبار المسؤولين السابقين فقد بدا، في نيسان 2022، أن المفاوضين الروس والأوكرانيين قد اتفقوا مبدئياً على الخطوط العريضة لتسوية مؤقتة تفاوضية. وكشف تقرير صادر عن RT أن الاتفاقية نصت على أن أوكرانيا ستجعل من “الحياد الدائم” سمة من سمات دستورها، فيما ستدرج “روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا كدول ضامنة”.
وفي 9 نيسان، اندفع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون إلى كييف لكبح جماح زيلينسكي وأصر على ضرورة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وليس التفاوض معه، وأنه حتى لو كانت أوكرانيا مستعدة لتوقيع بعض الاتفاقيات مع روسيا، فإن الغرب لم يكن مستعداً لذلك.
من جهةٍ أخرى، أعلنت السفارة الروسية في واشنطن أن الولايات المتحدة تتجاهل مطالب روسيا بشأن انتهاكات واشنطن الجسيمة لاتفاقية الأسلحة البيولوجية، لافتةً في بيان لها إلى أن واشنطن تتجاهل هذه المطالب، وتبرّر لنفسها بأن برنامجها يحمل عنصراً إنسانياً حسب زعمها، ومشيرةً إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع عملاء محتملين لإنتاج أسلحة بيولوجية، وتوجد العديد من التأكيدات حول هذا الأمر.
على صعيد آخر، وفي الشأن الميداني، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قوات الجيش الروسي عززت مواقعها على محوري دونيتسك جنوب أوكرانيا وكوبيانسك في مقاطعة خاركوف شرق أوكرانيا، وقضت على 890 عسكرياً أوكرانياً.
ووفق البيان تم تدمير موقعين لإطلاق المسيرات الأوكرانية في منطقتي لاستوتشكينو في دونيتسك وإيفانوفسكوي بمقاطعة زابوروجيه، وتدمير مركز قيادة للواء 67 الأوكراني ومستودع ذخيرة بالقرب من منطقة سيريبريانكا في دونيتسك، إضافة إلى تدمير 18 طائرة مسيرة أوكرانية في لوغانسك، ودونيتسك وزابوروجيه وخاركوف.
كما أسقطت وسائط الدفاع الجوية الروسية مسيرة أوكرانية صباح اليوم في مقاطعة بيلغورود، جنوب غرب روسيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان اليوم: “في الساعة التاسعة من صباح اليوم تم إحباط محاولة نظام كييف شن هجوم إرهابي بطائرة مسيرة على الأراضي الروسية، وتم إسقاطها في مقاطعة بيلغورود”. وحسب البيان لم تقع أي إصابات أو أضرار جراء الحادث.