“البشريات” أشهر نواعير حماه تبصر النور من جديد
البعث الأسبوعية- قسم الثقافة
نحو 45 معلماً أثرياً تأثر جراء الزلزال في حماة، لكن الخطر الأكبر يتمثل في ناعورة البشريات التي تصدّع جدارها ، بالإضافة إلى خروج 10 منها من الخدمة من أصل 25 ناعورة عرفت بها مدينة أبي الفداء. اليوم بدأ العمل بترميم ناعورة البشريّات بالتعاون بين وزارة الثقافة، والأمانة السورية للتنمية للحفاظ على هذا الصرح الأثري العريق كرمز حضاري لمدينة حماة.
اسم البشريات يطلق على ناعورتين، الكبرى قطرها 19 متراً وتحوي 120 صندوقاً، أما الصغرى فقطرها 13 متراً وتحوي 80 صندوقاً. واختلف المؤرخون في تحديد من بنى النواعير، فمنهم من يرجع هذا الصرح للآراميين، أي للألف الأولى قبل الميلاد، ومنهم من يقول إنها تعود للعهد الروماني. وناعورة البشريات هي ثالث أكبر ناعورة في حماة بعد المحمدية والمأمورية.
وسبب تسمية ناعورة “البشريات” بهذا الاسم هو نسبة إلى الشيخ العارف بالله “بشر الحافي” وهو من العراق ولد ومات فيها، أما “العثمانيات” فهناك اسم آخر لا يعرفه إلا القليل من أهالي حماه وهو “عنتر وعبلة”.
الشيخ “أحمد الصابوني” ذكرها في كتابه “تاريخ حماه” فقال: “نواعير “البشريات” تقع إلى الشرق من مدينة حماه وهي أربع نواعير اثنتان تسميان “العثمانيات” واثنتان وهما الأكبر تسميان “البشريات” ويعود سبب تسميتهم بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ “بشر” المدفون إلى جانبها”.
وقديماً ذكرت “حماة” لدى المؤرخين باسم مدينة النواعير وقد تم ابتكار هذه الآلة فيما مضى لري الأراضي والبساتين المرتفعة نظراً لانخفاض مجرى نهر “العاصي” عن الحوض الذي ينساب فيه، وتقنية عمل الناعورة لم تتغير على مر الأزمنة والعصور فمازالت تلك الآلة الدائرية المائية دائمة الحركة والتي تقوم بحمل الماء إلى مستوى أعلى من النهر دون الحاجة إلى أي جهد بشري حيث تنقل /2400/ ليتر من الماء في كل دوران لها.
وقد ذكر الرحالة حماه ونواعيرها في رحلاتهم فالرحالة المغربي “ابن بطوطة” ذكرها في تقريره عن رحلته الكبرى الذي سماه “تحفة الأنظار في غرائب الأمصار” بقوله : “حماه هي إحدى أمهات الشام الرفيعة ومدائنها البديعة ذات الحسن الرائق والجمال الفائق، تحفها البساتين والجنات، عليها النواعير كالأفلاك الدائرات يشقها النهر العظيم المسمى العاصي”.
تشير المراجع إلى أنه حتى مطلع القرن العشرين، كان عدد النواعير في مدينة حماة والأراضي التابعة لها 105 نواعير، منها 25 داخل مدينة حماة نفسها. ولم يتبقَّ منها اليوم إلا نحو 40 ناعورة في حالة العمل، منها داخل المدينة 25 ناعورة تنتظم في خمس مجموعات:
- مجموعة البشريات تقع في مدخل حماة من جهة الشرق وتضم أربع نواعير، وهي تتكون من مجموعتين فرعيتين كل منهما يتكون من ناعورتين هما البشريتان والعثمانيتان.
- مجموعة الجسريات تتكون من أربع نواعير أيضاً، وهي ناعورة الجسرية والمأمورية والمؤيدية والعثمانية وهي من أجمل النواعير في العالم.
- مجموعة الكيلانيات تتألف من أربعة نواعير أيضاً، ثلاثة منها على الضفة اليسرى وواحدة فقط على الضفة اليمنى وتحمل أسماء الجعبرية والطوافرة والكيلانية.
- مجموعة شمال القلعة تقع في محلة باب الجسر على الطرف الشمالي لقلعة حماة، وهي ثلاث نواعير اثنتان منها على الضفة اليسرى وواحدة منها على الضفة اليمنى للنهر وتحمل التسميات التالية: الخضر والدوالك والدهشة.
- مجموعة باب النهر تتكون من أربع نواعير اثنتان منها لا تزالان قيد العمل، وهما المحمدية والقاق، واثنتان أخريان قد زالتا من الوجود من قبل نحو نصف قرن وهما العونية والبركة.
وهناك العديد من الأساطير التي رويت عن نواعير “البشريات” و”العثمانيات” منها: كان يسكن قربها عفريت يسمى “شيخ العاصي” والكثير من كبار السن يذكرون هذه القصة حتى إن البعض منهم يقول: رأيت آثار أقدامه البالغ طولها /70/سم موجودة بالقرب من النواعير، وكان وراء هذه الرواية صاحب البستان القريب من تلك النواعير الذي أراد حماية بستانه من المتطفلين فقام بنسج روايته حول العفريت الذي يحمي النواعير ليلاً وبذلك استطاع حماية بستانه دون حراس.