اتّحاد الكتاب ومنظّمة الطّلائع: أطفالنا مستقبلنا وكلنا شركاء في بنائهم
نجوى صليبه
عمر الحرب أعمارهم، أكبر أو أصغر ببضع سنوات، لكن قذائف جهلها لم تقتل فيهم الطّموح، ولا تبعاتها أطفأت بريق شغفهم بكتابة قصّة أو قصيدة يعيدون تنسيق قراهم أو مدنهم كما تمليه عليهم مفرداتهم وسليقاتهم ومواهبهم، أو يشكرون سهر أمّهاتهم وعرق آبائهم وأخوتهم الغائبين أو معلّماتهم اللاتي كنّ معهم منذ بداية الطّريق إلى أن أصبحوا ضيوفاً على اتّحاد الكتّاب العرب.
“ملتقى الأدباء الصّغار” الذي أقامه اتّحاد الكتّاب العرب هو باكورة تعاونه مع منظّمة طلائع البعث، يقول رئيس الاتّحاد الدّكتور محمد الحوراني: “بعد توقيع مذكّرة التّفاهم، هذا اللقاء واحد من أكثر اللقاءات التي نعقدها أهميةً، لأنّ الأطفال هم مستقبلنا، وهذا الكلام نابع من ثقة مطلقة بوعيهم وثقافتهم، وقد يكون أغلبهم أكثر اطّلاعاً منّا على كثير من الأمور، لكن إذا لم يكن هناك من يدعمهم ويأخذ بأياديهم ستبقى تجاربهم غير ناضجة على الإطلاق، لذا لابدّ من علاقة صحّيّة بين المبدعين الكبار الذين لديهم البلاغة والأدب العالي والمبدعين الصّغار الذين لديهم مواهب بحاجة لحاضنة ترعاها”، موضّحاً: “يجب أن يكون العمل أكثر حنكةً، ويجب أن تتضافر جهودنا جميعاً من أجل إعمار عقول الأطفال بما ينسجم مع القيم التّربوية التي تربينا عليها عبر أجيال متلاحقة، لأنّ هناك جيل كاملٌ أُبعد عن الثّقافة الوطنية السّورية الحقيقية”.
وهذا ما يؤكّده أيضاً الدّكتور عزّت عربي كاتبة رئيس منظمة الطّلائع، ويضيف: “لا يمكن لأي وزارة أو مؤسسة أن تعمل بمفردها، وكلّنا شركاء في عملية بناء وإعداد الإنسان، والعمل بشخصنة أمرٌ غير منطقي وغير مثمر.. الأطفال المشاركون، اليوم، روّاد على مستوى الجمهورية في مجالات أدبيّة وثقافيّة، لكن لابدّ من وجود من يوجههم الوجهة الصّحيحة، وأعلم النّاس بذلك هم الأصدقاء في اتّحاد الكتّاب.
ويتوجّه كاتبة في حديثه للأطفال، فيقول: من الطّبيعي أن يكون هناك خجل في بداية الطّريق، والخطوة الأولى دائماً صعبة، لكن المهم أن نبدأ ونستمر مهما تعرّضنا لمشكلات أو وقعنا في بعض الأخطاء.. أتيتم اليوم من محافظاتكم لتتعلّموا، فتمتّعوا بالجرأة، وانطلقوا، وبيّنوا مواهبكم، واستمعوا بإصغاء، ولا تخجلوا من السّؤال، فلا شيء يوقف تعلّم الإنسان إلا الموت.
بدورها، تبيّن نعمى شدود عضو قيادة منظّمة الطّلائع رئيس مكتب الثّقافة والإعلام والعلاقات الخارجية: مسابقات الرّواد التي نقيمها كل عام هي لاكتشاف المواهب عند الأطفال وتنميتها، وهذا الملتقى هو من أجل أن يلتقوا بالأدباء الكبار ويغنوا مواهبهم بتوجيهاتهم ونصائحهم.
يوشع حمدان طفل يكتب الشّعر ويحفظه ويلقيه، كذلك حيدر محمود بدأ الاهتمام باللغة العربية مذ كان في الصّفّ الأوّل بتشجيع معلمته وأمّه، وماريا عيسى وسارة حسن رائدتان في مجال الفصاحة والخطابة، وغيرهم من الأطفال الموهوبين الذين كانوا على موعد مع ورشة عمل طويلة استمرّت أكثر من ساعتين، قدّموا خلالها ما لديهم واستمعوا لنّصائح الأدباء كلّ ضمن اختصاصه، فعرفوا أين أصابوا وأين أخطأوا، يقول الأديب والفنّان رامز حاج حسين: “دائماً كانت وجهة نظري التي أصرّ عليها، هي أنّنا نتعلّم من الأطفال، وهم أكاديمية مفتوحة، ومن خلال تجربتي معهم في الكتابة والرّسم أراهم يخرجون بمصطلحات ومفردات تناسب عمرهم، والمواهب التي قدّمت، اليوم، بحاجة إلى صقلٍ وتوجيهٍ ورعاية معيّنة، لكي يصبحوا في المستقبل كتّاباً جيّدين.