مجلة البعث الأسبوعية

نسب متواضعة ؟!

بشير فرزان   

الإجماع على أن  الزراعة أحد أهم الركائز الأساسية للاقتصاد السوري لم يحقق إلى الآن أي تقدم ملحوظ على مستوى الاستثمار الأمثل لمنتجات هذا القطاع الهام ..وطبعاً هذا الإجماع لم يأت من فراغ بل بني على مؤشرات رقمية مهمة فنسبة مساهمتها خلال الفترة 2010- 2016 بين 20 إلى 27 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي ونسبة تشغيل اليد العاملة فيه بين 20- 25 بالمئة من إجمالي اليد العاملة الدائمة ونسبة الصادرات الزراعية بين 17- 19 بالمئة من إجمالي الصادراتونسبة صادرات التصنيع الزراعي بين 16-44 بالمئة من إجمالي الصادرات الزراعية، وبين 6- 15 بالمئة من إجمالي الصادرات الكلية.

ولاشك أن هذه النسب المتواضعة مقارنة بالإمكانيات الزراعية الموجودة وخاصة لجهة التنوع الزراعي والمناخي وتوفر المساحات واليد العاملة يدفع بملف الاعمار الزراعي إلى منصة الأولويات كونه من القطاعات المولّدة للقيم المضافة التي لم تتواجد سوى على صفحات التقارير الزراعية السنوية وعلى حلبة  التصريحات الرنانة التي زرعت السراب وخيبات الأمل في حياة الفلاح ولاتستثنى من هذا السباق أي جهة كانت فالجميع شركاء في إلحاق الخسائر الكبيرة في القطاع الزراعي الذي بات أكثر تأزماً).

ومايؤسف أن الزراعة في بلدنا الغني بثرواته والمصنف ضمن البلدان الزراعية .. لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية واتسعت الفجوة الغذائية وأصبحنا نستورد هذا إلى جانب عدم استثمار الإمكانات الهائلة والكامنة في قطاع التصنيع الزراعي فنسبة ما يستخدم من المحاصيل الزراعية في الصناعة لا تزيد عن 2.3 % وهذا مايطرح العديد من التساؤلات حول مصير الأموال التي تم تسخيرها في مجالات تنمية الإنتاج الزراعي دون أن يصاحب ذلك ضخ استثمارات ملائمة لتطوير تسويق وتصنيع هذا الإنتاج وبالمعنى الاقتصادي والعائدية إهدار كبير في الإنتاج وتقليص الأثر التنموي للاستثمارات في قطاع الإنتاج فأين المحاسبة والمساءلة؟.

 

بالمحصلة لقد تمت الإطاحة وبشكل متعمد بالعمل الزراعي وبمستقبل الفلاح وبحياته من قبل وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة وغيرها من الجهات المختصة بالتسويق والتصنيع والدليل على إدانة هذه الجهات موجود ويتمثل بعدم وجود  إستراتيجية شاملة في جميع مراحل التصنيع بدءًا من الزراعة ثم التصنيع والتعبئة والتغليف والتسويق بالتنسيق بين الوزارات والجهات المعنية وذلك ضمن مشروعهالربط بين الاستثمار الزراعي والتصنيع الزراعي .

ورغم جسامة التحديات التي فرضتها الحرب وتبعات الحصارغيرها من الظروف إلا أن الحلول موجودة وهناك الكثير منها والتي يتم تداولها دون أن تتلقفها أقلام أصحاب القرار فهناك من يطرح استثمار مساحات كبيرة بغرض التصنيع الزراعي وطرح مساحات صغيرة للاستثمار من الشباب بجوار هذه المساحات مع توقيع عقود بينهم وبين الشركات الكبرى لتوريد إنتاجهم لمصانعها والتنسيق مع شركات التصنيع الزراعي الحالية التي بها طاقات عاطلة من أجل زراعة ما تحتاجه من محاصيل لاستغلال هذه الطاقات وهناك من يطرح أيضاً فكرة التعاون بين التعاونيات الزراعية والتعاونيات الأخرى الاستهلاكية والإنتاجية في مشروعات مشتركة مثل تسويق وتصنيع الحاصلات الزراعية ومنتجات الألبان والدواجن و الربط بين المزارعين والمستثمرين في التصنيع الزراعي من خلال توقيع عقود مع المزارعين لتوريد إنتاجهم إلى مصانع الإنتاج الزراعي بأسعار مجزية وإنشاء بورصة محلية للحاصلات الزراعية الرئيسية تتيح الإعلان الدوري عن أسعار الحاصلات الزراعية وبشكل يوجه المزارع لزراعة المحاصيل الأعلى عائداً ويمكن من التعاقد بين المزارعين وشركات التصنيع الزراعي ونشر خريطة التصنيع الزراعي على جميع المحافظات عن طريق إعلان كل محافظة عن فرص الاستثمار في التصنيع الزراعي المتاحة لديها وذلك لتسويقها للمصانع القائمة أم لإنشاء مصانع جديدة للاستفادة من هذه الفرص.فهل من مجيب ؟.