الدوام وتكاليف المستلزمات يضغطان على أهالي الطلاب
علي عبود
قد يتفاجأ الكثيرون بأن غلاء الزيّ الرسمي لا يقتصر على سورية، بل يشمل دولاً غنية كالخليج، ومتقدمة كبريطانيا، أو دولاً تشبهنا كمصر، فجميع الأهالي في العالم باتوا يشتكون من غلاء مستلزمات العام الدراسي، لكن ما يزيد المشكلة في سورية عن سائر دول المعمورة أن دخل غالبية أسر الطلاب عاجزة عن شراء القرطاسية، في حين بات شراء اللباس المدرسي لثلاثة طلاب يحتاج إلى قرض مصرفي لا يمكن تسديد أقساطه بدخل محدود!.
ويضاف إلى منغصات وأعباء تأمين المستلزمات إصرار وزارة التربية على بدء العام الدراسي في أول يوم أحد من شهر أيلول، على الرغم من أن مديرية الأرصاد الجوية والجمعية الفلكية السورية حذرتا من استمرار موجات الحرّ الشديد حتى مطلع تشرين الأول على الأقل.
وقبل أن يعود الطلاب إلى مقاعد الدراسة نطرح سؤالين أساسيين:
الأول: هل تاريخ بدء العام الدراسي مقدّس لا يمكن تغييره حسب الظروف الجوية الاستثنائية؟.
والثاني: لماذا لا تساعد الحكومة بتأمين مستلزمات الطلاب مجاناً أو بأسعار رمزية؟.
بالنسبة لبدء العام الدراسي، فإننا نشير إلى أنه يبدأ في دول كثيرة بعد منتصف شهر تشرين الأول، كلبنان، أي بعد أن يعتدل المناخ، خاصة وأن عدة محافظات سورية لا يغادرها الصيف الحار جداً قبل نهاية أيلول، وبالتالي نسأل مع ذوي الطلاب: لماذا لا تؤجل وزارة التربية بدء العام الدراسي حتى مطلع تشرين الأول؟.
نعم، آن الأوان للتعامل مع تحديد بدء العام الدراسي بمرونة، حسب مستجدات المناخ وغيرها، فهو بالمحصلة ليس تاريخاً مقدساً.
وبالنسبة لغلاء مستلزمات العام الدراسي، فإننا نستغرب عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء تُخصّص لمساعدة ذوي الطلاب بتأمينها مجاناً أو بأسعار رمزية تناسب دخلهم.
حبذا لو أجاب كلّ وزير عن السؤال: هل يكفي راتبي، البالغ 900 ألف ليرة (دون إضافات وتعويضات ومهمات…) لشراء المستلزمات المدرسية لولدين فقط (كتب ودفاتر وأقلام وزي رسمي وحقائب.. إلخ)؟.
لقد بات القول “إن التعليم مجانيّ في سورية بنسبة 100%” غير صحيح، في ظل عجز غالبية الأسر السورية عن تأمين مستلزمات أبنائها مع بداية كلّ عام دراسي. والحلّ ليس بتشديد الرقابة على محال بيع المستلزمات المدرسية، ولا بإقامة معارض لهذه المستلزمات، فهذه الإجراءات ستبقى شكلاً بلا مضمون!.
ويعطي الازدحام أو الإقبال الشديد على معارض المستلزمات المدرسية انطباعاً كاذباً وخدّاعاً بأنها أقيمت لمساعدة الأسر التي دخلها محدود. لكن الحقيقة أنها معارض مخصّصة للمقتدرين مالياً، أيّ لأناس قادرين على دفع ثمنها سواء بأسعار السوق أم بأسعار مخفضة في المعارض أو صالات السورية للتجارة.
ولعلّ الزيّ الرسمي الذي يُشكّل العبء المالي الأكبر على أهالي الطلاب هو الذي يُمكن حله بسهولة، أو كما يُقال “بجرة قلم”، فقد كان يجب أن تعلن وزارة التربية، بوقت مبكّر، أن الزي المدرسي ليس إلزامياً هذا العام، وبذلك تزيح همّاً كبيراً عن كاهل ملايين الأسر السورية، فلماذا لم تفعلها بدلاً من الطلب من مديري المدارس الحكومية عدم التشدد بارتداء اللباس الرسمي؟.
وبما أن الشغل الشاغل للحكومة “إيصال الدعم لمستحقيه”، فهذا يعني أن الأسر السورية المحدودة الدخل تستحق دعم طلابها بألبسة مدرسية مجانية، فتطلب من شركة الألبسة الجاهزة تصنيعها وتسليمها للأسر السورية عبر قسائم خاصة، أو بالبطاقة الذكية، كما كان يجب على الحكومة توجيه السورية للتجارة بتأمين الحقائب المدرسية للمدارس مباشرة بدعم حكومي لتسليمها إلى الطلاب مجاناً.
ومن الملفت أن غرف التجارة والصناعة، وخاصة مصنّعي ومستوردي المستلزمات المدرسية، لم يُطلقوا أيّ مبادرة إنسانية حتى الآن، فبإمكانهم مثلاً تقديم مساعدات عينية للمدارس التي يسكنون قربها تكون معيناً لأهاليهم في مناطقهم التي ترعرعوا بين حاراتها وأزقتها، ولا يبدو أنهم بوارد فعلها حتى الآن!!.
الخلاصة.. التعليم مجانيّ، وحق لكل السوريين حسب نص الدستور، وبالتالي فإن الأسرة التي لا يكفيها دخلها لشراء مستلزمات أبنائها، من واجب الحكومة دعمها، كي لا تضطر إلى عدم إرسالهم إلى المدارس، وتدفع بهم إلى سوق العمل كي يساعدوها بتأمين دخل إضافي لمواجهة الغلاء الذي لم يرحم أحداً، ولتأمين الحدّ الأدنى من المستلزمات الأساسية للحياة المعيشية.