“هرمجدون” تقترب
تقرير إخباري
في آذار الماضي تحدّث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن أنه الوحيد القادر على تخليص العالم من خطر وقوع كارثة كبيرة يمكن أن يتعرّض لها العالم، حيث ستكون الحرب هذه المرة نووية ولن يكون بمقدور أحد التكهّن بنتائجها، وأصرّ على أن الرئيس الحالي جو بايدن هو من يقود العالم إلى مثل هذه الكارثة التي يمكن أن تنهي العالم على الأرجح، موضحاً أن الإدارة الحالية، ستنزلق إلى الحرب العالمية الثالثة، “لأنها لا تعرف التحدث بشكل صحيح، ولا تعرف كيف يجب إرسال الإشارات الصحيحة”.
وحتى لو صدر مثل هذا الكلام من ترامب على خلفية الدعاية الانتخابية له والمنافسة مع خصمه الديمقراطي المفترض بايدن، إلا أن الوقاحة التي يمتلكها الرجل في الحديث تؤكّد أن هذا الاحتمال وارد وفقاً للمعطيات المتوفّرة لدى كثير من المحللين والخبراء العسكريين والسياسيين الأمريكيين، والموضوع قد أخذ حقّه من المناقشة في الأوساط السياسية الأمريكية، وإلا فما معنى أن يستخدمه ترامب آنذاك وسيلة لتخفيف مخاوف الشعب الأمريكي من احتمال كهذا، ويجعله يظهر بمظهر المخلص للعالم أجمع من هذا الخطر خلال 24 ساعة يكون قد تفاوض فيها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إنهاء الحرب في أوكرانيا، على حدّ زعمه.
والظاهر إلى الآن أن تكهّنات الرجل في مكانها، وخاصة بالنسبة إلى الدور الأمريكي الواضح في تأجيج الصراع بين روسيا والغرب، ولاسيّما بعد موافقة الغرب على ضربات نظام كييف على شبه جزيرة القرم، حيث وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف ذلك بأنه اقتراب لنهاية العالم.
ومدفيديف كعادته يطلق دائماً التصريحات التي لا تستطيع الدبلوماسية الروسية الحديث عنها بهذه الصراحة، من موقعه الأمني الأقرب إلى تحليل المعطيات واستخلاص النتائج، حيث يعتقد أن ذلك يمنح موسكو فرصة العمل ضد الجميع، وضد كل دولة على حدة في “الناتو”.
فالموافقة الغربية على ضرب كييف شبه جزيرة القرم الروسية هي بمنزلة ذريعة حرب Casus Belli، لأن الاعتداء على الأرض الروسية من نظام كييف جاء بمباركة غربية، حيث حصل “المجرمون الأوكرانيون” على تأييد الغرب لضرب كل ما هو روسي، “بما في ذلك على سبيل المثال القرم”، وهذا الأمر يمنح موسكو دليلاً قانونياً مباشراً على تواطؤ الغرب في الحرب ضد روسيا إلى جانب ولاية ستيبان بانديرا النازية، وهذا يعيد إلى الواجهة مشهد الحرب العالمية الثانية التي كان الاتحاد السوفييتي فيها وحيداً في مواجهة النازية وداعميها، لأن الروس لا يزالون إلى الآن يشكّكون في حقيقة العداء الذي كان قائماً بين النازية والغرب.
وبتحليل واقعي، وجد مدفيديف أن ذلك سبب وجيه للحرب في إطار قانون “الحق في الحرب” ضد الجميع، وضدّ كل دولة على حدة من دول “الناتو”، مؤكداً أن “نهاية العالم تقترب”.
على أن استشهاد السياسي الروسي بعدة اقتباسات، بما في ذلك اقتباس من سفر الرؤيا من العهد الجديد، رؤيا يوحنا الإنجيلي، المعروف أيضاً باسم “نهاية العالم”: “وفي تلك الأيام سيطلب الناس الموت فلا يجدونه، ويشتهون أن يموتوا، فيهرب منهم الموت”، وبمقتطفاتٍ من كلمات فلاديمير لينين: “يتذكروننا طالما كنا نعيق الآخرين”، ثم توجيهه للسفراء الغربيين كلماتِ نيكيتا خروشوف: “شئتم أم أبيتم، التاريخ في مصلحتنا، وسوف ندفنكم”، كل ذلك يشير إلى أن الرجل يعني ما يقول وأن وقوع الكارثة بات قاب قوسين أو أدنى، فهل يدرك الغرب إلى أيّ مصير يقود العالم؟.
طلال ياسر الزعبي