مجلة البعث الأسبوعية

السوريون يتحاملون على آلامهم المعيشية ويرفضون التحريض! أمن الوطن والمواطن خط أحمر .. وبالصبر والحكمة تُحل جميع مشاكلنا

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

منذ حوالي ثلاث سنوات توقف إطلاق النار في سورية وعاد الأمن والأمان إلى الجزء الأكبر من أراضيها، وخلال تلك الفترة كانت البلاد تخطو باتجاه إعادة الاعمار، والشغل على إعادة السوريين المهجرين، وغيرها من خطوات إصلاحية جادة وإن أخرتها الحرب!

إن انتصار سورية وصمودها الأسطوري لم يرق للأعداء ومرتزقتهم في الداخل والخارج، فهاهم اليوم يحاولون مجدداً إثارة التوترات الأمنية في الجنوب والعسكرية في الشرق والشمال، تحت ستار المطالبة بتحسين الوضع المعيشي، وحماية مرتزقتهم من أجل الاستمرار في نهب خيرات وثروات البلد.

ولا شك أن من حق المواطن أن يعيش حياة كريمة، والحكومة ملزمة تحت أي ظرف أن تكون إلى جانبه وتؤمن له متطلباته وحاجاته، وعدم وضع التبريرات التي تدل عن سوء إدارة وتعثر في إيجاد الحلول! لكن السؤال هنا: هل نبقى ندور في حلقة الضائقة المعيشية (على أهميتها وضرورتها) ونحن نرى الأخطار تحيط بالوطن من كل حدب وصوب قصد تدميره؟!

أغلى من كل شيء

وبالرغم من انشغال السوريين بواقعهم المعيشي الصعب، ولكن أمام المشهد الحالي المقلق اختلفت أولوياتهم سواء في أحاديثهم مع بعض، أو عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أبدت الغالبية الساحقة موقفها الرافض لما يجري من محاولات للتخريب، مؤكدين أن الوطن أغلى من كل شيء، والأجمل ما نسمعه ونقرأه من دعوات يطلقها السوريون بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم حول التمسك بالوطن وعدم الانجرار وراء التحريض بالاعتماد على بعض المرتزقة المنتفعين الذين لا هم لهم سوى جمع المال ولو على حساب الأرض والعرض والكرامة وأمان الوطن.

وبذات الوقت طالب السوريون بضرب الفاسدين وكل من يغطي عليهم بيد من حديد وكل من يتلاعب بمقدرات المؤسسات ويحارب المواطن في لقمة عيش أبنائه.

إلا الخيانة!

وفي دردشة مع الموظفين في إحدى المؤسسات الحكومية، أبدوا قلقهم مما يحدث، مطالبين بالعمل بأسرع وقت على سد أبواب ريح الشر!

الصبر والحكمة

في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق ورداً على السؤال أعلاه كان القاسم المشترك لأجوبة مجموعة من الطلبة الخارجين من قاعات الامتحان: “علينا أن نكون صبورين وحكيمين في التعامل مع ما يجري من حراك مفتعل نواياه سيئة”، وبرأيهم أن الوضع غير مريح ويتطلب الحذر، فالأعداء يريدون أخذ سورية لمعمعة حرب جديدة ستزيدها إنهاكا وخاصة اقتصادياً، لذا – والكلام لشباب الجامعة – “علينا أن لا نسمح بذلك ولو على حساب الصبر على مرارة لقمة العيش”.

للضرورة أحكام

ما قاله الطلبة، عبّر بصدق عن معدن السوري الأصيل، الذي لا يبيع وطنه بحفنة من الدولارات، ولو عاش ضائقة اقتصادية ومعيشية مرهقة، دون أن ننكر عليه حقه بالعيش الكريم، ولكن “للضرورة أحكام” تجعل الأولوية اليوم للتصدي لمن يريد أن الشر والدمار للوطن في محاولة لتفكيك الوحدة الوطنية، وذلك بحسب ما قاله عدد من طلبة كلية الحقوق أيضا من جامعة دمشق، فبدورهم أكدوا أن سورية قوية وتستطيع أن تقاوم المخاطر إلى أبعد مدى بفضل بسالة جيشها وصبر شعبها وحكمة قيادتها، لكنهم بذات الوقت، لفتوا إلى أهمية سحب الذرائع والحجج التي خرج على أساسها بعض المتظاهرين قبل أن يتدخل الخارج ويحرفها عن مسارها، كما طالبوا بالعمل الجاد على محاسبة الفاسدين في أي موقع كانوا، مؤكدين أن مصلحة الوطن أهم من مصالحهم الضيقة، وطالبوا أيضاً باستمرار تحسين الرواتب والأجور بما ينسجم مع الأسعار، والتعامل مع ارتفاع سعر الصرف بآلية تدعم الليرة وتقوّيها.

صمام الأمان

وبسؤال عدد من أساتذة الجامعة عن موقفهم مما يجري حالياً أكدوا أنه لا خوف على سورية، فهي قادرة أن تصمد أكثر وأكثر، مشيرين إلى أن محاولات إثارة الفتنة وتعكير الأجواء الأمنية التي ترسمها أمريكا وأزلامها في الداخل والخارج باتت مكشوفة من قبل الشعب السوري الذي تعامل معها بوعي كبير على مدى الـ 13 سنة الماضية، وهو اليوم صاحٍ لها، لكن برأيهم أن الرهان على وعي الشعب السوري المحب لوطنه والصابر على آلام المعيشة يحتاج لدعم كبير اقتصادي ومعيشي من أجل تحصين البيئة الشعبية الوطنية فهي صمام الأمان للوطن، وهي خط الدفاع الأول عنه، بحيث لا نترك أية ثغرة يدخل منها المتربصين شراً بالوطن.

نذير الفوضى!

أحد رجال الدين قال: كلنا مسؤول أمام ما يجري في هذه الأوقات الصعبة، التي يثبت فيها معنى الانتماء الصادق للوطن، وتبرز فيها المسؤولية الوطنية الحقيقية، مؤكداً على أهمية دور المرجعيات الدينية في توعية الشباب من الانسياق وراء العنف باسم الدين، أو الانجرار وراء دعوات الفتنة باعتبارها عنوان الشؤم ونذير الفوضى!

تاريخ وأمجاد

بالمختصر، يجب أن لا نستهين بما يحدث، فأعداء الوطن يجدون فيما يجري من حراك ساهموا بحرفه عن مساره فرصة للانقضاض على سورية، ومحاولة إعادة فصول الحرب المدمرة، ولكن هذه المرة بشكل خبيث يهدد جغرافيا الوطن ويُخرّب نسيجه الشعبي الجميل، بعد أن فشلوا طوال 13 عاماً من تحقيق مبتغاهم اللئيم، فسورية تاريخ وأمجاد يصعب هزيمتها.

ونجزم أن القاصي والداني المتابع للحراك بات يُدرك أن ما يحصل لم يعد له علاقة بتحسين الأوضاع المعيشية، بعدما تغيرت لهجة المطالب وترديد الشعارات غير الوطنية، وإقفال مؤسسات الدولة التي تخدم المواطنين، ورغم كل ما حصل نقول إن الدولة مع مطالب الشعب المحقة، ولم تكن يوماً إلا معه، فقوتها من قوته، وصمودها من صموده، لذا إن أهم ما نحتاجه اليوم هو جبهة داخلية قوية متماسكة، ويبقى أملنا كبيراً بوعي أهلنا الشرفاء في السويداء وأهمية دورهم في إخماد شرارة الفتنة وقطع الطريق على المرتزقة الذين يحاولون تخريب البلد وإضعافه، وهذا بالتأكيد لا يخدم إلا الأعداء وأولهم المحتل الإسرائيلي!.