مجلة البعث الأسبوعية

مع بداية العام الدراسي دعوات للتكافل مع الأسر الفقيرة قصص حزينة وأخرى مفرحة: “الدنيا ما زالت بخير!”

البعث الأسبوعية – محرر التحقيقات

على وقع ارتفاع غير مسبوق لأسعار القرطاسية وكافة المستلزمات المدرسية بدأ العام الدراسي، الذي يشكل عبئاً ثقيلاً على الأسرة الفقيرة في ظل هذه الظروف الصعبة والتي لا يوجد معيل لها يعينها.

وحدها مبادرات أهل الخير والأيادي البيضاء يمكن أن تخفف الحمل الثقيل عنها، فـ “لو خليت خربت” كما يقال، وإن كان التكافل خجولاً قياساً للعدد الكبير للأسر المحتاجة للمساعدة لكنه على قلته يمكن أن يسد ثغرة، وينقذ بعض التلاميذ من حرمانهم من تعليمهم.

تأمين لقمة العيش!

والسؤال: لماذا تغيب مبادرات الجمعيات الخيرية، وهي التي حصلت على الترخيص تحت شعار التكافل مع المحتاجين؟ ولماذا لا يوجد نظام واضح للرعاية الاجتماعية يعمل على حل مشكلات الأفراد أو الجماعات، ويساعد آلاف الجمعيات “الخيرية” على القيام بدورها بشكل يتوافق وأهدافها وشروط ترخيصها واعتمادها؟!

أبواب الجنة

الشيخ حسن (رجل دين) أبدى عتبه الكبير على الكثير من تلك الجمعيات التي لا تملك شيئاً من اسمها – بحسب قوله – وإنما هي واجهات للتلميع، متسائلاً: لماذا لا يتم مراقبة أدائها لمعرفة أنها تعمل لصالح المجتمع؟

وثمّن رجل الدين ما يفعله بعض أهل الخير الذين تفوقوا على تلك الجمعيات، وحث الجميع على فعل الخير، مؤكداً أن التكافل الاجتماعي يفتح أبواب الجنة أمام فاعليه، وهو علامة فارقة من علامات المجتمع القوي بحب وتعاضد أبنائه، مستشهداً بالحديث النبوي “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”.

وقالت سيدة أربعينية: “ما أكثر فاعلي الخير وما أقل أفعالهم”، مشيرة إلى أنها تعاني كثيراً من تأمين مصاريف بيتها، وفي منطقة سكنها ناس مقتدرين لا يرف لهم جفن، وهم يعلمون مدى حاجة الأسر الفقيرة، سواء في موسم افتتاح المدارس أو في الأيام العادية، علماً أنهم يقدمون أنفسهم في المناسبات بأنهم من وجهاء الحي الذين لا يصدون ويردون صاحب حاجة!.

غرفة عمليات

ويعلل البعض سبب تراجع حالات التكافل الاجتماعي إلى صعوبة الوضع الاقتصادي، الذي جعل الناس تحسب لمعيشتها يوماً بيوم، ولكن وبرأيهم أن ذلك يجب أن لا يمنع فعل الخير ومساعدة المحتاجين، خاصة وأن الجهات المعنية في ظل هذا الظرف الصعب لا يمكنها لوحدها القيام بتأمين كل متطلبات ذوي الدخل المحدود وكافة المحتاجين، لأجل ذلك طالب البعض بإحداث غرفة عمليات إغاثة مع مطلع كل عام دراسي، طواقمها من فاعلي الخير أفراداً وجمعيات وتكون مهمتها تنسيق الجهود فيما بينهم لتقديم المساعدات للأسر الفقيرة وفق معايير وأسس محددة بحيث يتم الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأسر الفقيرة.

فاعل خير حقيقي

تروي أم مازن زوجة شهيد وأم لثلاثة أطفال كلهم في المدرسة، وأكبرهم في الصف الثامن، أنها كانت تنوي أن تضحي بمستقبل “مازن” من أجل إعانتها في توفير مصروف البيت وتأمين المستلزمات المدرسية “من قريبو” لإخوته الصغار، لكن أحد وجهاء قريتها تكفل بمستلزمات المدارس كلها، مع تقديم دعم طوال العام.

وكلنا نسمع ونقرأ ونشاهد عن شخصيات تقدم للأسر الفقيرة من دون حدود، منهم تجار ورجال أعمال وأطباء وغيرهم يعملون بصمت، ويخفون ما يفعلوه احتراماً لشعور المحتاجين.

وذكر أبو حيدر (موظف متقاعد) أنه لولا أحد الخيرين لكان ما زال يسكن بالإيجار، حيث ساعده على إكساء بيته، وتكفل بمصروف ابنه في الجامعة، عدا عن المساعدات العينية التي يقدمه له ولبعض الأسر الأخرى وعددها أكثر من 15.

ثقافة فعل الخير

وهناك حالات إيجابية كثيرة يرويها العديد من المواطنين عن مغتربين سوريين يرسلون حوالات إلى الكثير من الأسر الفقيرة، ولا يرتبط موعد إرسالها بافتتاح العام الدراسي، وإنما بشكل دوري، وهذا ما يساعد على تجذّر ثقافة فعل الخير والتكافل الاجتماعي الحقيقي بعيداً عن الأضواء، وإنما الغاية تقوية روح التعاون والمحبة بين أفراد المجتمع التي نحتاجها كثيراً في هذا الوقت الصعب.

مهرجانات العودة

وللأمانة نشهد في كل مطلع عام دراسي الكثير من المبادرات في مختلف أنحاء الوطن تقدم مساعدات عينية لطلبة المدارس وأيضاً مساعدات مادية لطلبة الجامعات تعينهم في دفع رسوم تسجيلهم وأحياناً أقساط مترتبة عليهم، ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية مهرجانات العودة إلى المدارس في أكثر من محافظة والتي تقام بمبادرة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بالتعاون مع المحافظات وغرف التجارة فيها، كما يشارك فيها جمعيات خيرية، وتتضمن المهرجانات “تشكيلة واسعة من الألبسة والحقائب المدرسية لكل المراحل، ومجموعة متنوعة من الدفاتر والأقلام والألوان وأطباق الكرتون والتجليد بجميع القياسات بأسعار منافسة، إضافة إلى مواد غذائية ومنظفات”، ويؤكد المشرفون عليها بأن أسعارها أقل من السوق، وتساهم بتخفيف حدة ارتفاع أسعار القرطاسية والمستلزمات المدرسية عن الأهالي.