“كريستال” يصنع من النجم نجماً مرة أخرى!
هذه الأيام الفنان محمود نصر، هو الشغل الشاغل للمراهقات، اللواتي يجدن فيه فارس الأحلام، أو الحبيب المؤجل، تلمع عيونهن عندما يظهر، يضعن صوره خلفية لشاشاتهم، ومنهن من تطلب من حبيبها أن يقص شعره مثل جواد.
إنه العاشق “الجنتل” الوسيم الذكي، والمتصارع عليه، بين المرأة الثرية والمرأة الفقيرة، فالطبيب “جواد” الذي يؤدي دوره نصر في النسخة “العربية” من مسلسل “كريستال”-مجموعة كتاب-هاكان أرسلان، عدا عن أناقته المفرطة، يتصرف وكأنه يطفو على غيمة، الرومانسية عنده مثل شرب الماء، في أي لحظة وأي حدث، يظهر بعيون حالمة، وصوت أقرب إلى الهمس، أما انفعالاته الغاضبة على تشابهها، هي أقرب إلى العتب “الكوول”، وهذا مرده إلى ركاكة الحوار، واضطرار خريج الأكاديمية السورية للتمثيل “2006” لاختراع أداء برتم بطيء ومتشابه، يلائم الحوار المسلوق الذي يتبادله وبقية الشخصيات.
محمود نصر الذي قدم العديد من الأدوار المهمة في مسيرته المهنية، والذي حقق نجومية لامعة في الدراما المحلية، لم يكن أخرها الدور المهم الذي قدمه في مسلسل “الندم”-2016-حسن سامي يوسف-الليث حجو-يُقدم اليوم في وسائل الإعلام الخاصة بصناعة “الترند”، على أنه أصبح نجماً للتو، لتأديته دوراً برتم واحد، وتقديمه شخصية بلا ملامح خاصة، ولا كاركتر ما، ولا حتى أداء محترف، وهذا كما أسلفنا سببه الحوار الممجوج، والقصة التي يمكن أن تقدم في خماسية، لا في 90 حلقة، لا أحداث فيها، إلا تلك التي عهدناها بالدراما “التركية”.
الجانب الإعلامي، المسؤول عن التسويق للمنتجات الدرامية التلفزيونية، بصحفه ومواقعه الالكترونية، بصفحاته الزرقاء وتلك الملتهبة على الانستغرام، يقوم بضخ الكثير من الأخبار المفبركة، المتعلقة بالمسلسل وبشخصية جواد! ليل نهار، وفي كل لحظة هناك خبرٌ لا معنى له، عن “كريستال” وعن شخصية جواد، من تلك الأخبار مثلاً: 5 أسباب تجعل النساء تقع في حب محمود نصر مع صورة وردية للشخصية، وهي تنظر بنعس يتكاسل بين رموشها نحو المجهول الحالم، وفم مضمخة شفاهه بـ”الحمرة” وملمع الشفاه، وهكذا تبقى أخبار المسلسل طاغية على بقية الأخبار، حتى تلك المتعلقة بالشأن ذاته، مع لقاءات إعلامية وتصريحات نارية، وغيرها من الوسائل، التي هي من تفرض النجومية الوهمية، لهذا الفنان أو ذاك.
نصر كان قد قدم عدة أدوار فيما عرف بـ”الدراما العربية المشتركة”، أو “البان آرب”، منها دوره في مسلسل “الأخوة”-2014- سيف الدين سبيعي/سيف الشيخ نجيب، وكان أيضاً عاشقاً وسيماً، له على الرومانسية كما يقال، يرتدي أزياء فاخرة ويقود أفخم السيارات في العالم، ورغم ذلك لم يثر اهتمام المراهقات، وهذا لأنه كان محاطاً بالنجوم الأكثر لمعاناً، منهم تيم حسن.
يبدو أن الدراما التلفزيونية، المسلسلات، في طريقها نحو التخلي عن الخصوصية، كشرط فني أصيل، وعوض الإبداع في التأليف، يجيء العمل جاهزاً، يحتاج إلى الإكسسوارات فقط، ومنها الممثلين “النجوم”، هذا يجري في معمل لصناعة المسلسلات، لديه قوالبه الجاهزة، ولكل قالب فريقه المختص في تقديمه بالشكل الذي يرضى عنه أصحاب المعمل.
خطورة هذه الأعمال، عدا عن سطحيتها، هي ترويجها للحب والعلاقات الغرامية الفارغة من المحتوى، والأهم هو ترويجها لمعايير جديدة للجمال، فبطلات هذه الموجة مثلاً، يكاد خصرهن تلتقي ضفتاه، سيقان طويلة ولامعة، ملامح باردة وحيادية، شيء يشبه “المانيكان” المتحرك! وبالنسبة للذكور، أن يكون وسيماً فقط، حتى لو كان أخرساً!
“كريستال” ليس إلا واحداً من تلك الأعمال، التي يمكنك فيها إقفال الصوت، والمتابعة دون أي أرباك، ويمكن للمشاهد أن ينزل إلى البقالية ويعود دون أن يفوته ما يقطع متعة “فرجته” فالبطل ستبقى أزرار قميصه مفتوحة، وتسريحته لا يحركها إعصار، وعلى وجهه تلك النظرة الحالمة نحو اللاشيء، وشفتاه المضمختان بالحمرة والملمع، تفتران عن أسنان بيضاء لامعة، حتى ولو دهسته حافلة، أما بخصوص البطلة وإطلالتها الميمونة، فهذه “بدها مقال لحالها”
تمّام بركات