أخبارصحيفة البعث

إلغاء محاكم الميدان العسكرية.. نافذة جديدة للتطور القانوني في سورية

دمشق- مادلين جليس   

لاقى المرسوم التشريعي رقم 32 للعام 2023 والقاضي بإنهاء العمل بالمرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17/8/1968 وتعديلاته المتضمن إحداث محاكم الميدان العسـكرية، أصداءً إيجابية لدى أوساط القانونيين الذين أشادوا به من حيث أهميته في تعزيز الديمقراطية وترسيخ مبادئ الدستور، حيث وصفه المحامي منيب هائل اليوسفي بأنه نقطة التحول الهامة في تاريخ سورية الحديث، وذلك بعد مرور أكثر من خمسين عاماً من نظام قضائي استثنائي هو نظام المحكمة الميدانية العسكرية التي أنشأت بموجب المرسوم 109 لعام 1968 عقب نكسة حزيران.

وأكد اليوسفي لـ”البعث” أن تشكيل تلك المحكمة حينذاك كان له أثراً مهماً لتهدئة نفوس الجماهير المحتقنة من أثار النكسة التي خلفها العدوان الغاشم ولمحاسبة ومحاكمة الجنود الفارين من الخدمة أو الذين التحقوا بصفوف العدو الصهيوني، ثم عُدل المرسوم بموجب مرسوم آخر رقم 32 لعام 1980 حين أضيفت عبارة ( أو عند حدوث الاضطرابات الداخلية) وبذلك شمل اختصاص المحكمة العسكريين والمدنيين.

وأضاف اليوسفي: المرسوم التشريعي الذي أصدره السيد الرئيس يقضي فقط بإنهاء العمل بالمرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17/8/1968 والذي يتعلق بإنشاء محكمة ميدان عسكرية دون إنهاء العمل بالمرسوم 32 لعام 1980.

وتتشكل تلك المحكمة، كما يؤكد اليوسفي، بقرار من القائد العام للجيش والقوات المسلحة من رئيس لا تقل رتبته عن رائد، وعضوين لا تقل رتبتهما عن نقيب، ويعد من أهم سلبيات تشكيل تلك المحكمة أنه يتم تعيين أعضائها وأحياناً رئيسها دون اشتراط شهادة الإجازة في الحقوق، ويقوم بوظائف النيابة العامة فيها أحد قضاة النيابة العامة العسكرية يسمى بقرار من القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وتملك النيابة العامة لديها صلاحية النائب العام العسكري وقاضي التحقيق العسكري.

ومن سلبيات تلك المحكمة أيضاً، بحسب اليوسفي، أنها تعتمد على أصول موجزة بمعنى أنها غير مقيدة بالأصول (أصول المحاكمات) أو الإجراءات المنصوص عليها في القوانين، وتكون أحكامها مبرمة غير قابلة للطعن، ولا لأي طريق من طرق المراجعة، فضلاً عن أن جلساتها ومحاضرها سرية وغير معدة للاطلاع عليها، ولا يجوز أمام محكمة الميدان العسكرية توكيل محام للدفاع عن المتهم فيها، ما يحرمه من أبسط الحقوق ( ألا وهو حق الدفاع المقدس ) والقرارات التي تصدرها تخضع للتصديق من قبل القائد العام للجيش والقوات المسلحة الذي يملك أن يخفف العقوبة أو استبدالها بغيرها أو إلغائها مع حفظ الدعوى ما يعطي مفاعيل العفو الخاص، وله أيضاً أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة، مضيفاً: إن النيابة العامة العسكرية هي من تنفذ قرارات محاكم الميدان العسكرية.

ولعل أهم ما يمكن قوله في إلغاء العمل بالمحكمة العسكرية الميدانية إنه يعتبر وبحق نافذة جديدة في التطور القانوني في سورية، ويعزز وجودها في نطاق الدول الديمقراطية بعد أن كان العمل في تلك المحكمة يشكل حينها خرقاً صريحاً للدستور وللمبادئ العامة للقانون وحقوق المواطنين، والكلام لليوسفي.

يذكر أن محاكم الميدان العسكرية أو الميدانية، كما شاع اسمها، كانت قد أحدثت بالمرسوم التشريعي رقم 109 لعام 1968 والمعدلة بالمرسوم التشريعي 61 لعام 1970 والمرسوم التشريعي 3 لعام 1971.

وتختص هذه المحاكم بالنظر في الجرائم الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية والمحالة إليها بقرار من القائد العام للجيش والقوات المسلحة والمرتكبة زمن الحرب والعمليات الحربية.