دراساتصحيفة البعث

ينبغي لطوكيو أن تستجيب لمخاوف العالم

هناء شروف

وفقاً لشركة طوكيو للطاقة الكهربائية التي تقوم بتصريف المياه الملوثة نووياً في المحيط في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية المتضرّرة منذ 24 آب الماضي، تمّ اكتشاف التريتيوم في البحر بالقرب من المحطة يوم الخميس الماضي. ونظراً لأن الكثافة كانت أقل بكثير من معايير السلامة المحدّدة مسبقاً، قالت إنه ليست هناك حاجة لوقف إطلاق مياه الصرف الصحي السامة في المحيط.

وفي الوقت نفسه قدّمت مجموعة مدنية يابانية تعارض تصريف المياه شكوى ضد رئيس الوزراء الياباني، ورئيس شركة تيبكو قائلة إن عواقب إلقاء المياه السامة في المحيط قد تكون خطيرة للغاية.

لا يزال الخلافُ بين اليابان والصين حول هذه القضية مستمراً، حيث أدانت بكين بشدة عملية تصريف المياه الملوثة في المحيط، بينما دافعت طوكيو عنها بشدة. ومن السخف أن تتهم الحكومة اليابانية نظيرتها الصينية بإضفاء الإثارة على الأمر، حيث تطلب من الأخيرة أن تتذكر قرارها بشأن فرض حظر شامل على المأكولات البحرية اليابانية، كما لو كان على الصين أن تختار تجاهل التأثيرات البيئية للتحرك الأناني الذي اتخذته اليابان والذي سيستمر 30 عاماً.

هناك حديث عن تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد القرار الصيني، لكن الحكومة الصينية كما قالت في إخطارها لمنظمة التجارة العالمية، لها كل الحق في الدفاع عن تحركها باعتباره “إجراء طارئاً” لحماية حياة شعبها وصحته بشكل فعّال، والقمع الكامل للمخاطر المقابلة بحجة أن التفريغ سيجلب مخاطر لا يمكن السيطرة عليها على الصحة العامة وسلامة الغذاء.

ومن المثير للسخرية أن طوكيو التزمت الصمت المدروس بشأن حقيقة أن الولايات المتحدة هي التي شهدت أكبر انخفاض في واردات الأغذية اليابانية خلال الأشهر الثمانية الماضية بين جميع البلدان.

ومن المؤكد أن بكين ليست الوحيدة التي تعارض خطوة طوكيو، وكما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ينبغي توضيح أن التخلص من المياه الملوثة نووياً ليس شأناً داخلياً لليابان، وليس مجرد قضية بين دول معينة. ومن خلال تلويث المحيط بهذه الطريقة تقوم اليابان بإلحاق الضرر بالبيئة وتشكّل خطراً على صحة البشرية، وبما يتعلق بهذه القضية لا تحتاج اليابان إلى مواجهة دولة واحدة فقط بل المجتمع الدولي بأكمله.

تطالب بكين باستمرار الجانب الياباني بإظهار الشفافية الكاملة، ومعالجة مخاوف الدول المجاورة، وهذا مهمّ ليس فقط بسبب الحجم الهائل للتصريف والعواقب التي يصعب التنبؤ بها، ولكن أيضاً بسبب الضرر اللاحق الذي قد يلحقه بالصناعات ذات الصلة.

وتصرّ طوكيو على استخدام مصطلح “المياه المعالجة” للتقليل من المخاطر، ولكن مع تسريب وزير الزراعة والغابات ومصائد الأسماك الياباني نومورا تيتسورو، فإن المياه التي يتمّ إطلاقها من فوكوشيما هي “مياه ملوثة”. إن توجيه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى بنك نومورا بسحب البيان والاعتذار لا يؤدي إلا إلى إظهار مدى الصرامة التي تحاول بها طوكيو التستّر على خطر تصريف المياه في المحيطات وتضليل الرأي العام الدولي، وينبغي لطوكيو أن تفعل الشيء الصحيح، وأن تتخذ قرارات مبنية على العلم، وأن تشارك الحقيقة الكاملة للأمر مع العالم.