اقتصادصحيفة البعث

إن لم نكن “أذكياء”!!

قسيم دحدل

رغم أنه ليس من طبيعتنا وتكويننا الفكري والنفسي التشاؤم واليأس.، لكننا نكاد نصابُ بالعجز حين نسمع ونقرأ عن موضوع الذكاء الصناعي، ونشاهد بأم العين تطبيقاته التي لا مهرب منها، عاجلاً أم آجلاً، وكيف دخلت العديد من مجالات الحياة وما يمكنها دخوله في المستقبل المنظور، وما التغيّرات المذهلة التي يمكن أن تحدثها إذا ما اُستخدمت ووظّفت في الأمور الخيّرة لخدمة الإنسان والدول وتدعيم إمكانيات استمرارهما وتطورهما، ليكون لهما مكان تحت الشمس.

وما استحضارنا لموضوع الذكاء الصناعي، في هذا الوقت، إلاَّ نتيجة لتلك المقارنة غير المتكافئة مطلقاً، ما بين الواقع التقني لمعاملنا ومنتجاتها الصناعية الغذائية في القطاع العام، وبين ما يجب أن تكون عليه حتى تستطيع البقاء والمنافسة في عالم سيصبح الذكاء الصناعي المعيار الأعظمي في تطور الصناعات وغيرها من القطاعات، نظراً لما سيحدثه من ثورة في تطوير المنتجات، وفق تأكيد الخبراء في هذا المجال.

كذلك قد يكون استحضارنا لهذا “الذكاء”، ومحاولتنا الدعوة لتوطين تطبيقاته في معاملنا وعمليات الإنتاج والتسويق، ضرباً من الخيال، نظراً للحال المتهالك لتقنياتنا وأساليبنا ووسائلنا الصناعية التي عفا عليها الزمن، والتي لم تقم الحكومات المتعاقبة، أو تحاول مجرد محاولة – حتى ما قبل الأزمة – العمل على تحديث وتطوير خطوط الإنتاج في معامل القطاع العام، الأمر الذي كاد يؤدي إلى إغلاق العديد منها بحجة تعثرها.. تعثر فيه من شبهات التعمّد بالتفشيل والخسارة بغاية الوصول إلى الخصخصة، حيث تشي بعض المؤشرات بأن هناك من يعمل جاهداً لتكون الخصخصة حلّ خلاصٍ في مرحلة ضاقت فيها الخيارات والحلول!!.

ما ذهبنا إليه ليس من باب رمي الاتهامات جزافاً، بل مُستخلصٌ من واقع زيارتنا لعدد من معامل القطاع العام المختصة بالصناعات الغذائية – نتحفظ على ذكر أسمائها – والوقوف على ما يمكن وصفه بالأطلال، حيث فاقمت الحرب الإرهابية على سورية واستهدافها لكلّ شيء، وضع تلك المنشآت وجعلتها في حال يُرثى لها، الأمر الذي يضع أصحاب القرار أمام تحدي البتّ في مصير وجودها أو عدمه، أما أن تظلّ على ما هي عليه، لا تطوير ولا تحديث، فهذا تخلفها عن اللاحق بركب المنافسة، وبالتالي خسارة حصتنا السوقية الإقليمية والعالمية.

ويكفي أن نعلم أن صناعة ومعالجة المواد الغذائية، تعدّ أحد أهم قطاعات الأعمال التجارية في العالم، كما أنها تعدّ من أعلى القطاعات المعتمدة على التوظيف المستمر، فهي قائمة على الأيدي العاملة البشرية بشكل كبير في عمليات التشغيل، حيث بلغ حجم سوق صناعة المواد الغذائية نحو 6 تريليون دولار في عام 2019، بزيادة في معدل النمو السنوي المركب بنسبة 5.7% منذ عام 2015، وفي هذا العام (2023) من المتوقع أن يستمر نمو السوق ليصل إلى ما يزيد عن 7.5 تريليون دولار مع نهاية الشهر الـ 12.

نمو مطرد في سوق المواد الغذائية يضع منشآتنا العاملة في هذا القطاع تحت ضغط التحديات الكبيرة والمنافسة العالية للحفاظ على جودة الإنتاجية. ومع علمنا وإدراكنا لكمّ ونوع التحديات أمام الحكومة وخاصة المالية، إلاَّ أنها ستكون مضطرة، ولو بالحدود الدنيا، لشيء من “الذكاء”، حتى ننتصر في حرب الماء والغذاء، التي أصبحت عالمية.

Qassim1965gmail.com