قمة المناخ منصة لتغيير مسار القارة السمراء ومستقبلها
سمر سامي السمارة
مع انطلاق قمة المناخ الإفريقية الأولى التي تستضيفها العاصمة الكينية نيروبي، وجد تحليل أجرته منظمة الإغاثة العالمية “أوكسفام” أن الدول الغنية لم تقدّم سوى جزء صغير من المساعدات التي تحتاجها دول شرق إفريقيا كلّ عام لتلبية احتياجاتها المناخية.
ويشير تقرير “أوكسفام” الجديد إلى أنه، على عكس الدول الغنية التي تمثل حصة غير متناسبة من تلوث الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، فإن شرق إفريقيا لم تساهم “بأي شيء تقريباً” في انبعاثات الكربون العالمية التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في جميع أنحاء العالم.
وفي تقرير سابق للمنظمة، قالت “أوكسفام” إن الدول الغنية التي تمثل نسبة عشرة في المئة من سكان الكوكب تنتج في المتوسط بصمة كربونية أكبر بواقع 11 مرة عن الدول الفقيرة التي يبلغ عدد سكانها 3.5 مليارات نسمة على الكوكب، وأن متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أمريكا الشمالية يبلغ 11 مرة أكثر من متوسط انبعاثات المتوسط الإفريقي. كما أشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مؤخراً، إلى أن إفريقيا مسؤولة عن أقل من 10% من انبعاثات الكربون العالمية.
ومع ذلك، فإن شرق إفريقيا واحدة من أكثر مناطق العالم تضرراً من تغيّر المناخ، إذ تشهد الآن أسوأ حالات الظروف الجوية القاسية الناجمة عن تغيّر المناخ، ما يؤدي إلى تأجيج أزمة الجوع المثيرة للقلق، حيث يواجه أكثر من 31.5 مليون شخص حالياً مخاطر شديدة إثر تعرّضهم للجوع في جميع أنحاء إثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب السودان، بحسب تقرير “أوكسفام”.
وأضافت المنظمة أن تلك البلدان التي تعاني من أضرار مرتبطة بالمناخ بقيمة مليارات الدولارات كل عام، ستحتاج إلى ما لا يقلّ عن 53.3 مليار دولار سنوياً لتحقيق الأهداف الحيوية بموجب اتفاق باريس للمناخ. ووفقاً للمنظمة، قدّمت الدول الغنية 2.4 مليار دولار فقط كمساعدات لدول شرق إفريقيا في عام 2021.
وعلى نطاق أوسع، أشارت منظمة “أوكسفام” إلى أن البلدان ذات الدخل المرتفع تعهدت بتقديم 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان ذات الدخل المنخفض على مكافحة الفوضى المناخية، وجاء في تقرير المنظمة أن تقديرات “أوكسفام” تشير إلى أن القيمة الحقيقية للدعم المالي الموجّه خصيصاً للعمل المناخي في عام 2020 كانت نحو 21 مليار دولار إلى 24.5 مليار دولار فقط، وهو أقل بكثير مما تشير إليه الأرقام المعلنة رسمياً.
من جهتها، قالت فاتي نزي حسن، مديرة الفرع الإقليمي لمنظمة “أوكسفام” في إفريقيا مؤخراً، إنه حتى من خلال حساباتها السخية، لم تقدم الدول الملوثة سوى أموال زهيدة لمساعدة شرق إفريقيا على توسيع نطاق جهود التخفيف من حدة الآثار والتكيّف معها.
وأضافت نزي حسن أن ما يقرب من نصف الأموال (45%) التي قدموها كانت عبارة عن قروض، مما أدى إلى إغراق المنطقة بمزيد من الديون.
ذكرت وكالة أسوشيتد برس مؤخراً، أن هناك قدراً من الإحباط في القارة، وذلك بسبب مطالبتها باللجوء إلى استخدام السبل النظيفة للتنمية أكثر من مطالبة دول العالم الغنية والتي تنتج منذ فترة طويلة معظم الانبعاثات التي تعرّض المناخ للخطر والقيام بذلك، في حين أن الكثير من الدعم الذي تمّ التعهد به لم يظهر بعد.
بالإضافة إلى دعوة الدول الغنية إلى المساهمة بالمساعدة التي وعدت بها لدعم تحوّل الطاقة المتجددة في إفريقيا، تحثّ مجموعات المجتمع المدني الإفريقي قادتها على رفض التوسّع في استخدام الوقود الأحفوري، وتحذر على وجه التحديد من استكمال خط أنابيب النفط الخام في شرق إفريقيا “إيكوب” التابع لشركة توتال إنيرجي.
وفي تقرير حديث لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، حذّرت المنظمة من أن أكثر من 100 ألف شخص في أوغندا وتنزانيا يمكن أن يفقدوا أراضيهم بشكل دائم لإفساح المجال أمام خط الأنابيب وتطوير حقل تيلينجا النفطي.
إلى ذلك، يشير أحد التحليلات إلى أن خط الأنابيب يمكن أن يؤدي إلى 379 مليون طن من الانبعاثات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري حتى تنتهي مدته، أي أكثر من 25 ضعفاً للانبعاثات السنوية المجتمعة لأوغندا وتنزانيا.
بدوره، قال زكي ممدو، منسق تحالف “أوقفوا دعم خط أنابيب “إيكوب”، إن قمة المناخ الإفريقية يمكن أن توفر المنصة اللازمة للقارة لتغيير مسارها ومستقبلها بشكل كبير. وأضاف ممدو: “لكي يحدث هذا، سيتعيّن على الزعماء الأفارقة أن يرقوا إلى مستوى الحدث وأن يتخذوا التزامات صارمة لرفع مستوى تطوير الطاقة المتجدّدة بشكل كبير مع مقاومة وسحب أي دعم للمشاريع الاستغلالية والمدمّرة مثل خط أنابيب النفط الخام في شرق إفريقيا”.