تحاول تكريس كيانها عبر نهب الآثار العربية
تقرير إخباري
“إسرائيل” حاضرة على جميع جبهات الحروب ضدّ الأمة العربية، ولا تدّخر جهداً في محاولات غرس كيانها بقوة في قلب الشرق الأوسط، وفرض نفسها على أنها جزء لا يتجزأ من الإرث التاريخي للمنطقة. وينسق الكيان الإسرائيلي مع عدد من تجار الحروب وناهبي الآثار في المنطقة بهدف الاستيلاء عليها وعرضها في متاحفهم على أنها تاريخ يهودي بهدف نسبته زوراً إلى كيانه الهش المفتقر للجذور.
اكتشفت اليمن أن “إسرائيل” استحوذت على أربع قطع أثرية نادرة تعود إلى حقب زمنية مختلفة وتسبق الميلاد بأكثر من ألفي سنة، للممالك اليمنية كمملكة سبأ، وستقوم بعرضها في معرض أثري في غضون الشهر القادم، على أنها قطع أثرية تعود للحضارة اليهودية، مستغلة الحروب التي شنّت على هذا البلد الأشمّ الذي قاوم ويقاوم كل أنواع الاستعمار والاحتلال بأجساد شبانه وأرواحهم التي صانت الأرض والتاريخ. وللأسف يتم الحديث الآن عن نهب وسرقة وتهريب أكثر من أربعة آلاف قطعة أثرية نادرة من اليمن، حجرية وبرونزية ومخطوطات، وبيعها لأربعة دول من أبرزها “إسرائيل” عبر مزادات أهمها “بركات وكيدم”، كواجهة لتأطير العدو الصهيوني على أنه ذو تاريخ عريق وحضارة متأصلة.
إن الكيان حتى اللحظة ينقّب عن الآثار في حي المغاربة في القدس، إلا أنه لم يفلح بإيجاد سوى آثار إسلامية أو رومانية، وهذا الشيء يعتبر كارثي بالنسبة لعلماء وخبراء التاريخ والآثار الذي يقرنون وجود أي حضارة وتاريخها بأدلة مادية أثرية حتى لو كانت قطعة من العملة، مهما كبر حجم النقل والتاريخ والتواتر، واستمرار غياب تلك الأدلة المادية سيجعل من تاريخ الدولة اليهودية أكذوبة بالدليل القاطع، وبالتالي فإن “إسرائيل” لا تستهدف مجرّد عمليات بيع وربح للكنوز، بل تستهدف بشكل أساسي السيطرة على الأرض العربية باعتماد أدلة حتى لو كانت مسروقة، وسط سكوت تام من دول الغرب والمنظمات الثقافية والإنتربول والمنظمات الثقافية الأممية التي تشاهد تلك المزادات عبر الإنترنت دون تدخل، على غرار صمتها تجاه الجرائم المرتكبة ضدّ الشعب الفلسطيني ومجمل اعتداءات الكيان على المنطقة.
ما تقوم به “إسرائيل” يشكل طعنة بآثار ضاربة الجذور في تاريخ المنطقة وتاريخ الإنسانية جمعاء، وما يحدث اليوم ليس بجديد فالكيان الإسرائيلي مستقطب أساسي للآثار المسروقة، والمنهوبة، مستغلاً ظروف الحرب والجهل وضعف القانون اليمني في حماية الآثار وتجريم سارقيها ومهربيها والعابثين في المناطق الأثرية.
إن هذه الجريمة لا يمكن حلها إلا عبر التعويل على وعي الشعوب العربية لقيمة إرثها التاريخي والحضاري، والذي يُضاهي قيمة أي كنوز أو أموال ربما قد تدرها عليهم عمليات نهب الآثار وتهريبها، وخاصةً إن حدثت لصالح هذا الكيان الاستيطاني التوسعي، كما يترتب على الشعوب العربية الثقة التامة بأن محاولات هذا الكيان محكومة بالفشل؛ إذ لا يمكنه تجاوز الحضارات المصرية الفرعونية والإسلامية واليمنية وغيرها من حضارات المنطقة مهما شنّ من حروب خشنة أو ناعمة، أو إيديولوجية أو هجينة.
بشار محي الدين المحمد