اقتصادصحيفة البعث

وزارة الزراعة: التشدد بتطبيق الدورة الزراعية للحصول على نتائج مرضية في الموسم المقبل

دمشق-محمد العمر

أعدّت وزارة الزراعة خطتها للموسم المقبل ضمن روزنامة زراعية جديدة، فيها الكثير من التغييرات والنظرة المختلفة عن غيرها من المواسم السابقة، في ظلّ ظروف وتبدلات مناخية أثرت على القطاع الزراعي، كما أن مجمل التحديات التي يعانيها هذا القطاع من تكاليف إنتاجية مرهقة وفقدان المستلزمات والأدوات، تجعل من تطبيق الروزنامة ليس بالسهل، خاصة وأن التوسّع بالزراعات يجب ألا يتجاوز إطار العوامل البيئية والموارد المتاحة.

تحديات كبيرة

عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف، أوضح أن الصعوبات خلال المواسم الماضية كانت كبيرة، وقد عانى الفلاح من ارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية، وأثر ذلك على حصيلة الإنتاج، لكن لا بدّ من تلافي هذه التأثيرات وتأمين هذه الأمور للفلاح ضمن خطة زراعية جديدة تدعم وتسوّق المحاصيل الزراعية الرئيسية والمحاصيل الأخرى، كدعم البذار والأسمدة والمقنّن العلفي والغراس وعمليات استصلاح الأراضي، ودعم أسعار المحاصيل الاستراتيجية، لافتاً إلى أن مجمل التحديات التي تواجه الفلاح في الفترة الراهنة تمّت مناقشتها في الخطة الزراعية للموسم المقبل، من تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعية (محروقات وبذار وأسمدة)، وحسب قوله هذه العوامل لا بدّ من توفرها بوقتها حتى لا تشكل عبئاً على الإنتاج أو تؤثر على الخطة الزراعية كما كان سابقاً.

بدورها، مديرة التخطيط والتعاون الدولي، المهندسة نازك العلي، بيّنت أنه تمّ تحديد المساحة المروية للموسم الزراعي القادم بما يتوافق مع الموارد المائية المخصصة للزراعة، وحسب المصدر المائي في كلّ محافظة، وأن الوصول إليها يرتبط بتوافر مستلزمات التشغيل (المحروقات، الكهرباء، الصيانة) للآبار وشبكات الري والمضخات الحكومية والخاصة، مشيرة إلى أن إعداد الخطة الإنتاجية يبدأ من أصغر وحدة إدارية موجودة على مستوى القرية، وبتحديد المساحات المزروعة، وتنتقل تدريجياً حسب التصنيفات الإدارية، ويتمّ إقرارها بالمحافظة واللجنة الزراعية المؤلفة من كافة الجهات الفاعلة العاملة بالقطاع الزراعي، ليتمّ إرسالها للوزارة واعتمادها بشكل مركزي.

وحول الاختلاف بين الموسمين الماضي والمقبل، لفتت العلي إلى أنه في الأعوام الماضية كنّا نقوم بالتخطيط على مستوى مناطق الاستقرار، يعني نترك الحرية للمزارعين بهامش حرية زراعتهم للأرض، ولكن في هذا الموسم فإن الحاجة ماسة لتحديد المحاصيل التي نحن بحاجتها والتخطيط على مستوى المكانة، أي سوف يتمّ التوسّع بزراعة بعض المحاصيل التي كان يتمّ التخطيط لها على مستوى المجموعات، وليس على مستوى المحاصيل، وذلك لتوفير احتياجات السكان من هذه المنطقة من المنتجات، إضافة لتحسين خصوبة وخصائص التربة كون هذه المحاصيل تعطي مزايا خصوبة للتربة، مؤكدة أنه في الأعوام الماضية كنا نركز على التوسع بمحصول القمح والتغاضي عن تطبيق الدورة الزراعية بسبب الحاجة إلى القمح، فأدى ذلك إلى ضعف الخصوبة وخفض الإنتاج. ورأت أنه في هذا العام سيتمّ التشدد بتطبيق الدورة الزراعية للحصول على نتائج مرضية، مبينة أن أهم تحدٍّ للوزارة في الخطة الإنتاجية الزراعية هو إمكانية تأمين مستلزمات الإنتاج بسبب صعوبة تأمينها من جهة، وارتفاع أسعارها من جهة أخرى.

الخبير الزراعي محمد القاسمي أوضح أن وزارة الزراعة تقوم كلّ عام بتعديل الخطة الزراعية الصيفية والشتوية وفقاً للمخازين المائية وحجم الجريانات السطحية للأنهار وواقع المياه الجوفية واستطاعات الآبار، فالخطة الإنتاجية الزراعية للموسم الماضي تمّ الاعتماد فيها على استثمار كافة الأراضي والسماح بزراعة القمح على حساب كافة المحاصيل باستثناء الشوندر السكري والقطن، وبالتالي كانت المساحات الزراعية لهذه المحاصيل قليلة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج بعد وضع معايير وشروط تحدّد كميات الأسمدة والمحروقات المسموح أخذها من قبل الفلاح.

وأشار القاسمي إلى أن الأولويات في دعم الزراعة في الوقت الحالي، يجب أن تكون عبر الدعم المباشر للفلاح من خلال السعي لتوفير كلّ المستلزمات الإنتاجية بأسعار مقبولة، وإخراج الفلاح من الحسابات الأخرى، أي تقديم الخدمات له بشكل مجانيّ أو بأسعار مدعومة، داعياً الحكومة إلى تقديم رؤية متكاملة تتضمن برامج تنفيذية لسياساتها الحالية والنظرة المستقبلية للتعاطي مع مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية والتنموية لتتمّ دراستها في اللجان المختصة بهدف إيجاد المخارج والحلول العملية والمنهجية التي تنعكس إيجاباً على الواقعين الخدمي والاقتصادي.

كما أن برنامج إعداد الخطط الزراعية، حسب الخبير التنموي أكرم عفيف، قد بات مكرراً ونسخة عما قبله، حيث إن المشكلة لا زالت قائمة دون نتائج والتي تتمثل بدعم الاستيراد على حساب الإنتاج، إذ ما زال الفلاح يدفع ثمنها، وبالتالي خسائره لا تتوقف، والتخبط في القطاع الزراعي لايزال موجوداً في سياسات التسعير، سواء بالقمح أو الشوندر السكري أو محصول التبغ مؤخراً، أي المشكلة بإدارة الموارد الزراعية وتوزيعها، لأنه كما هو معروف قوة الاقتصاد تكمن بالنقد، أما أثناء الحصار والحروب، كما هو عندنا، فقوته تبقى بالسلع والمنتجات، وهذا هو بيت القصيد الذي تعاني منها زراعتنا. وأشار عفيف إلى أن أثر فقدان مستلزمات الإنتاج تجلّى على البذار والأسمدة والمبيدات الزراعية، وأدى ذلك إلى انخفاض نسب تنفيذ الخطة الإنتاجية الزراعية وانخفاض الإنتاجية في وحدة المساحة.