هل ستخسر سورية ولبنان موقعهما الاستراتيجي ؟؟..
د. مهدي دخل الله
إنه انتصار البر مجدداً على البحر … العالم القديم يولد من جديد مع تحول طرق التجارة بين آسيا وأوربا من البحار التي تسيطر عليها أمريكا وبريطانيا إلى البر .. لكن ماذا عن سورية ولبنان ؟؟..
لا شك في أن التحولات البنيوية الحاصلة على مستوى العلاقات الدولية وتغير النظام الدولي هي لصالح سورية
والدول التي تسعى للخلاص من الهيمنة المطلقة لواشنتُن في العالم . لكن هناك بعض المخاوف من فقدان سورية ولبنان موقعهما الاستراتيجي لصالح الكيان الصهيوني ، وهذا واضح من الأفكار والمشاريع المطروحة حول البنى التحتية في مجال المواصلات الدولية ..
كان العالم القديم ، أي القارات الثلاث ، مكتفياً بطرقه البرية التقليدية ، إلا أن سيطرة بريطانيا ، وبعدها أمريكا ، على البحار التي أضحت المسارات الأساسية لنقل البضائع من آسيا إلى أوربا أنهت عصر البر . اليوم بدأت القوى الجديدة ، الصين والهند وإيران وروسيا ، تفكر باستعادة أهمية البر . وهو شيء إيجابي بالتأكيد ، لكن المشكلة هي في أن بعض المشاريع تستثني سورية ولبنان ..
في قمة العشرين الأخيرة ، تم طرح مشروع بين الهند ودول الخليج لبناء شبكة طرق وسكك حديدية بين الهند والبحر الأبيض المتوسط عبر الجزيرة العربية ، وبعد المتوسط تنتقل البضائع بحراً إلى أوربا . كان من الطبيعي أن يعبر خط التجارة هذا بعد الهند باكستان فإيران فالعراق فسورية ولبنان ثم بحراً إلى أوربا . لكن هذا الخط واجه مشكلتين : الأولى هي العلاقات السياسية السيئة بين الهند والباكستان ( وإيران ) ، والثانية هي عدم مروره عبر دول الخليج التي تتمتع بتبادل تجاري كبير مع الهند .
البديل الذي تمت مناقشته هو خط بحري بين الهند وعُمان ، ثم الإمارات والسعودية والأردن ، وأخيراً الكيان الصهيوني ( مرفأ حيفا ) وبعدها إلى أوربا . هذا الطريق الذي أبدت الهند ودول الخليج حماسة لتحقيقه له مشكلتان : الأولى خروج سورية ولبنان من السلسلة الاستراتجية ، والثانية إضعاف طريق الحرير الصيني الأوربي الذي سيعتمد حصراً على البر بين الطرفين ، شمالاً عبر الهند فالباكستان ، ثم إيران وتركيا واليونان مع فرع إلى الجنوب عبر العراق وسورية والأردن فالخليج فمصر فأفريقيا .
mahdidakhlala@gmail.com