لعبة الجودة ؟!
بشير فرزان
رغم أن وجود لصاقات الجودة، أو ما يسمى “الايزو”، على المنتجات يمنح الطمأنينة والأمان للمستهلكين إلا أنها في هذه الظروف التي يعيشها الناس أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهلهم نظراً لارتفاع أسعار المواد التي تحمل شعاراتها وأرقامها، كما أنها لم تعد مقبولة من قبلهم بعد انحسار مهامها بتحقيق المكاسب وفق تقديرات وحسابات الجهات المصنعة، التي اتخذت منها شعاراً تسويقياً لا يمت للواقع والحقيقة بصلة.. هذا عدا عن إمكانية إدراجها في خانة الغش والجريمة التموينية، فشهادات الايزو الخاصة بجودة المنتجات على اختلافها باتت تحت مجهر التدقيق وإعادة النظر كونها خارجة عن أهدافها وبعيدة كل البعد عن الغايات التي أوجدت من أجلها.
والأمر ذاته يمكن إسقاطه على خدمات العديد من الجهات العامة التي تتغنى بجودة خدماتها وتمنح أعمالها تصنيفات متقدمة على صعيد العمل الخدمي وتتقاضى أجوراً على خدماتها، كالكهرباء والمياه والاتصالات.. إلا أن واقع العمل يكشف عن وجود خلل في آليات عملها، وخاصة فيما يتعلق بنظام الجباية والفواتير التقديرية مقابل دخول متواضعة أو معدومة لمواطن يتلمس خطوات بقائه في دائرة الأمان المعيشي والحياة الكريمة.
وطبعاً ليس المقصود هنا التشكيك في صحة الأرقام، بل ما نريد قوله أن ضخامة أرقام الفواتير، وخاصة في الكهرباء والمياه، والأخطاء العديدة الحاصلة في تقدير قيمتها المالية، أضحت مقلقة حيث لا يقابلها تصاعد في مستوى جودة الخدمات أو تحسن في أداء الموظفين فيها، بل على العكس، هناك جهات تتبع أسلوب العمل التقديري للفواتير، وتحديداً تلك التي تحتاج إلى قراءة من قبل المؤشرين الذين، رغم كثرة عددهم في هذه المؤسسات الخدمية، إلا أنهم غير متواجدين فعلياً على ساحة العمل، ويتم تقديرها من وراء المكاتب. وهذا الغياب يدفع ضريبته المواطن الذي يدفع فاتورة مضخمة نظراً لتقصير هذه الجهات في عملها الذي يعتمد إستراتيجية رقمية افتراضية خارجة عن سلطة القانون وأدبيات العمل، ومنغمسة تماماً في الإهمال والتسيب، الذي يقطف نتائجه المواطن الحريص على أداء التزاماته المالية في نهاية كل دورة. فهل يستنفر الضمير الوظيفي لمواجهة هذا الواقع، أم تعلق هموم الناس ومطالبهم على أرجوحة الوعود الخلبية التي زعزعت الثقة بعمل الكثير من المؤسسات الخدمية، وبكفاءة الكوادر الوظيفية التي تتعرض للتنمر والانتقاد من قبل المواطن؟
بالمحصلة، لا يختلف واقع حال جودة المنتجات عن جودة الخدمات، بعد أن فقدت بوصلة المتابعة والمساءلة السمت الحقيقي، وبات الايزو بكل أرقامه مجرد خدعة تسويقية تنتهي بخيبات الأمل!