أخبارصحيفة البعث

بيربوك تكتشف أن الشعب الألماني يرفض الحرب

تقرير إخباري   

على مدى أكثر من عام ونصف العام على بداية العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، لم يكن الساسة الألمان يدركون أن الحرب في أوكرانيا بعيدة نسبيّاً عن بلادهم، حتى يبتعدوا عن التورّط في دعم النظام النازي في أوكرانيا، وبالتالي انخرطوا في عقوبات غربية على روسيا غير عابئين بجميع المصالح الاقتصادية لألمانيا معها، ومنها مشروعا السيل الشمالي 1 و2 اللذان مكّنا ألمانيا من شراء النفط بأسعار رخيصة وتحقيق تنمية غير مسبوقة، فضلاً عن نموّ الاقتصاد الألماني بشكل واضح، والتطوّر الكبير في العلاقات الاقتصادية مع موسكو الذي كان يمكن أن يتطوّر إلى تحالف، لولا تبعية هؤلاء الساسة لسادتهم خلف الأطلسي الذين تمكّنوا من تحريضهم على الانخراط في حرب مع روسيا بالوكالة عبر أوكرانيا.

والآن تخرج وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لتقول: إن معظم الألمان يتساءلون عن جدوى دعم حكومتهم لأوكرانيا، فما الذي استجدّ حتى توصّلت الحكومة الألمانية إلى هذه النتيجة التي كان بإمكانها الوصول إليها منذ زمن طويل؟.

في الحقيقة، هناك شعور كبير في الغرب بأن جميع محاولات إحداث خرق في الحرب على روسيا قد باءت بالفشل، وأنه لا مجال للاستمرار في دعم النظام الأوكراني العاجز عن تحقيق ذلك حتى الآن، فضلاً عن الضغط المادي الهائل على اقتصادات دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” الذي وصل إلى حدّ العجز عن تغطية نفقات الداخل، وخاصة مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أسعار الطاقة والاستياء الشعبي الهائل من كل ذلك.

غير أن بيربوك حتى عندما تحدّثت عن البعد الجغرافي قارنت مقارنة خاطئة، لأن ألمانيا ليست بعيدة جغرافياً عن أوكرانيا، ومن هنا فإن قولها حسب بلومبيرغ: “يطرح الكثير من الناس في الولايات المتحدة هذا السؤال: “أوكرانيا بعيدة عنا تماماً، فما سبب أهميتها بالنسبة لنا؟” وهذا صحيح ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن أيضاً هنا في ألمانيا”، يؤكّد أن مثل هذا القرار اتخذ في واشنطن، وأن الحكومة الألمانية كانت منذ البداية خاضعة لهذا القرار، وبالتالي فإن وقف الدعم عن أوكرانيا من الولايات المتحدة سيتخذ قريباً، ولكن لا بدّ من التمهيد له من التابع الألماني المطيع.

وحتى لو تم تخريج المشهد على أنه ردّ فعل على تصريح وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا الوقح لنظيرته الألمانية بأن ألمانيا سترسل صواريخ Taurus بعيدة المدى إلى أوكرانيا بشكل إجباري، فإن المشهد كان ينبغي الردّ عليه في حينه، وليس بعد التيقّن من أن اللعبة قد انتهت، وأن الغرب ليس قادراً على تحقيق إعجاز في هذه الحرب على روسيا، وتصريح المستشار الألماني أولاف شولتس، في وقت سابق بأنه ستتم دراسة قرارات برلين حول تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا في المستقبل بعناية، ولن تكون هناك أي قرارات متهوّرة، يصبّ في الاتجاه ذاته.

وبالمحصّلة، لن يتأخّر الغرب كثيراً حتى يعلن رسمياً عن إيقاف الدعم عن النظام الأوكراني في هذه الحرب الخاسرة، لأنه أدرك أنها تحوّلت إلى حرب استنزاف له، ولا جدوى مطلقاً من الاستمرار فيها، ومن هنا راحت وسائل إعلامه تسوّق تباعاً لمثل هذا الأمر.

طلال ياسر الزعبي