عشية المؤتمر… الشعوب ملّت خطابات الأمم المتحدة
تقرير اخباري
تستعد نيويورك لافتتاح الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 أيلول 2023 لبحث موضوع إعادة بناء الثقة وإحياء التضامن العالمي. سيكون الاجتماع مخصصاً لمناقشة القضايا العامة رفيعة المستوى كالأزمات العالقة المتصلة بقضايا الأمن والسلام في العالم، ونقص الماء والغذاء والدواء، وزيادة الفقر، وتحديات التغيرات المناخية الخطيرة ونتائجها السلبية على البشرية، وأعباء الديون على الدول الفقيرة، والأوضاع الصحية وغيرها، وكلها ملفات جرى بحثها بشكلٍ عميق وجاد في الدورات الماضية، لكن طرحها في هذه الدورة مدفوع بمخاطر جمة وتهديدات ونداءات إلى المنظمة الدولية لمعالجة هذه الأزمات المتفاقمة بجدية ومسؤولية كبيرتين.
ومن التحديات الكبرى التي يواجهها العالم اليوم تراجع الآمال والطموحات بتحقيق الأهداف السبعة عشر التي تضمنتها أجندة عام 2030 وتبنتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015، إذ بعد مضي ثماني سنوات مليئة بالأحداث والمخاطر، لم يعد الوقت المتبقي يسعف لإحراز تقدم كبير في تحقيق وتنفيذ هذه الأهداف على أرض الواقع، بل إن بعضها اختفى من الأجندة وكأنه لم يكن، بسبب عوامل مفاجئة حدثت في السنوات الماضية، ومنها جائحة كوفيد-19، والحرب الروسية الأوكرانية الساخنة واستحقاقاتها، والكوارث الطبيعية المتلاحقة التي تركت آثاراً سلبية على العالم، وكلها ساهمت في مفاقمة التدهور العالمي وزيادة العجز الجماعي عن مواجهة كل تلك الأخطار والأحداث وإيجاد الحلول المناسبة .
المتابع الحصيف لمواقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يرى حالة العجز الواضحة في معظم خطاباته، فهو لم يجد ما يقوله لقادة وزعماء العالم وممثلي الدول، إلا إطلاق تحذيراته المستمرة والمتكررة حول ضرورة إنهاء النزاعات والصراعات في العالم، والالتزام الصارم بميثاق هيئة الأمم المتحدة، وتجنب استبعادها وتهميشها، والانتباه المسؤول إلى مخاطر التغير المناخي ونتائجه الخطيرة على البشرية، وعدم التغاضي عن كل تلك التهديدات.
في العام الماضي 2022 من دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، شهد العالم كوارث صادمة جداً، مثل الفيضانات والسيول، وقبلها الزلازل العنيفة، وارتفاع درجات الحرارة القياسية التي سجلها خلال الصيف الماضي والحالي، مروراً بالأعاصير المدمرة التي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكندا والعديد من دول القارة الآسيوية ، والحرائق المهولة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وشمال إفريقيا. وأمام هذا الرصيد الكبير من الكوارث والفواجع ، يجب أن يكون التحدي المناخي في صدارة الأجندة.
يأتي اجتماع قادة وزعماء العالم لافتتاح الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أسابيع من استضافة الإمارات العربية المتحدة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) في إمارة دبي، وسيكون اجتماع قادة العالم في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية مناسبة للنقاش الجاد حول التحديات المناخية الصعبة والخطيرة، والخطط الممكنة للحد منها، كما سيكون مناسبة مثالية لدولة الإمارات العربية المتحدة لتعطي بدبلوماسيتها رفيعة المستوى دفعة كبيرة للعمل في مجال المناخ وحالة الاحتباس الحراري وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وإلزام جميع الأطراف المشاركة بتنفيذ التعهدات الدولية في هذا الخصوص.
من هنا إذا كان المناخ وعوامله واستتباعاته يحتل الحيز الأكبر في الاهتمام الدولي، فإنَّ في العالم قضايا أخرى تتطلب العقلانية والحكمة، مثل بوادر الصراع الدولي ضمن ما يطلق عليه حرب باردة جديدة، وملف القضية الفلسطينية، ومكافحة الإرهاب، وخطابات التعصب والحقد والكراهية، وإن تحقيق اختراقات في جميع هذه القضايا لن يكون بخطابات التقسيم والعزل والنبذ، وإنما عبر الالتزام بالشرعية الدولية وبالقانون الدولي الإنساني، ومبادئ التعايش والسلام والأمن، ومعالجة الخلافات والصراعات بالحوار والتفاوض والعمل الدبلوماسي، خاصةً أن الشعوب والأمم باتت تشعر بخيبة الأمل المترافق مع حالة من الإحباط بعد كل اجتماع للأمم المتحدة.
ريا خوري