رأيصحيفة البعث

“القلق” الأمريكي: يكاد المريب..

أحمد حسن   

الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بـ “القلق” إزاء ما يجري في جنوبي سورية. الأمم المتحدة “قلقة” أيضاً من “البعد الكارثي الجديد” لما يجري في شمال شرقها.

وإذا كان “قلق” الأمم المتحدة لا يتجاوز كونه تسجيل موقف – فهي لم تجرؤ على القلق من نهب واشنطن الكارثي أيضاً لثروات تلك المنطقة – وبالتالي لا ثمرة فعلية له باعتباره مجرد “إرث” من تركة ملك “القلق”، الأمين العام السابق بان كي مون، فإن “قلق” واشنطن – مشاركة لندن وباريس وبرلين تبعيّة بالضرورة – يدعو لـ “القلق” حقاً لأن هذا العالم، بأسره، يعرف أنه قلق “مثمر” بامتياز و”ثمرته”، كما تدل التجارب السابقة، مآس جديدة.

بعبارة أكثر وضوحاً: هذا قلق المريب الذي يكاد أن يقول خذوني.

بهذا المعنى، يُفترض بنا جميعاً، وبأهل الجنوب السوري أولاً، أن نشعر بالقلق من “قلق” واشنطن، وأن نحاول مواجهته عبر عقلنة خطواتنا وتحركاتنا لأننا نعرف جيداً أن أهداف الولايات المتحدة ليست أمريكية خالصة فقط، بل “إسرائيلية” أيضاً، وبالتالي فإن مطالب الناس المحقة في بعض جوانبها ليست ما يحرك جانبها الأخلاقي المزعوم، وإنما يتركز همها في كيفية استثمارها و”تشغيلها” في إطار حربها الدائمة على العالم لإبقائه تحت سلطتها وسطوتها، فيما كانت دمشق هدفاً دائماً لإسرائيل التي سعت بكل ما تملك لتهديم وتخريب الأنموذج السوري الفاضح بالضرورة والطبيعة لأنموذجها القائم على الإقصاء والاحتلال.

والحال فإن واشنطن تحاول، جهدها، وعبر كل السبل الممكنة، إعادة عقارب الساعة إلى الخلف، استمراراً منها في تنفيذ مخططها الهادف إلى الإركاع والاستتباع، وبما أنها فشلت طوال الأعوام الماضية في إيصال هذا المخطط إلى نهايته المرجوّة، فإنها تحاول اليوم تطبيق خطوات المخطط الإسرائيلي الشهير بـ “شدّ الأطراف ثم بترها” ومثاله الأكبر ما جرى في “السودان وجنوبه” عام 2010، وبالتالي فإن “قلقها” الحالي على الجنوب، كما الزيارات الميدانية للشرق، هو مجرد خطوة أخرى على هذا الطريق ستتبعها، بالتأكيد، خطوات أخرى عديدة.

بيد أن صورة العالم لم تعد على ما كانت عليه لحظة 2011، وواشنطن التي فشلت حينها في الوصول بمشروعها إلى نهايته ليست واشنطن اليوم، لكن رهاننا الحقيقي لا يقتصر على هذه الحقيقة فقط، بقدر ما هو، كما كان منذ اللحظة الأولى، على وعي السوريين بأن “الخارج” لا يريدهم إلاّ أدوات في مخططاته المشبوهة، وبالتالي فإنهم، وكما فعلوا سابقاً، سيحيلون قريباً “القلق” الأمريكي الجديد إلى أدراج الأرشيف ذاته الذي يقبع فيه “الـقلق” المؤسس لصاحبه “بان كي مون”.