اقتصادصحيفة البعث

ضريبة الشركات متعددة الجنسيات.. ما هي ومن تستهدف؟

تعهّد وزراء مال دول مجموعة السبع بتفعيل تعديل طموح في نظام الضرائب على الشركات المتعدّدة الجنسية التي لم تكفّ مساهماتها في ميزانيات الدول عن التراجع منذ 40 عاماً لمصلحة ملاذات ضريبية، فكيف يمكن فهم المسألة التي يُفترض أن تضع حداً للتهرّب الضريبي من جانب عمالقة الاقتصاد العالمي:

لماذا؟

عام 2017، كلفت «مجموعة العشرين» منظمة التعاون والتنمية مكافحة «تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح»، أي الاستراتيجيات التي تسمح للشركات الكبيرة بالتهرّب من الضرائب.

يذكّر السيناريو بأزمة 2008 التي دفعت مجموعة العشرين إلى إعلان نهاية السرية المصرفية، ووضعت منظمة التعاون والتنمية آنذاك نظاماً تلقائياً لتبادل البيانات، مرغمة أصحاب الثروات الكبيرة ومصارفهم على إخضاع حساباتهم في سويسرا وغيرها للرقابة الضريبية.

كيف؟

عبر منع الشركات من التخفي خلف «مؤسستها الضريبية» المقامة في بلد أو آخر، ويشمل الإصلاح ركيزتين: – ضمان توزيع عادل بين الدول لـ«الرسوم الضريبية». ويتعيّن على الدول الاتفاق حول مستوى «الفائض الربحي»، ليتمّ توزيعه تبعاً للأرباح المحققة في كل بلد. – تتطلع الركيزة الثانية إلى إرساء ضريبة عالمية دنيا لضمان عدم تهرّب شركة متعدّدة الجنسية من الضرائب أينما كان مقرّها.

أي فوائد؟

كانت الولايات المتحدة قد وضعت سقفاً مرتفعاً نسبياً (21%)، قبل اقتراحها نسبة تحظى بتوافق أكبر، وهي «15% على الأقل»، إلا أنّ الاقتصاديين غابريال زوكمان وتوماس بيكيتي اعتبرا أن النسبة «ضئيلة للغاية» لأنّ المعدّل الوسطي للضرائب على الشركات في العالم يبلغ 22% بعدما وصل إلى 50% عام 1985. وتلفت منظمة التعاون والتنمية إلى أنّ الدول والمناطق التي تقلّ فيها النسب عن 15% هي الملاذات الضريبية، حيث النسبة 0% على غرار جزيرة جيرسي وغيرنسي وجزر الباهاماس وبرمودا وجزر كايمان. أما في أوروبا، ففي إيرلندا (12.5%) والمجر (9%) وبلغاريا (10%). وقد تكون النسبة المعلنة في بعض البلدان مرتفعة كما هي الحال في لوكسمبورغ (25%) ومالطا (35%)، ولكنّها مصحوبة بعدد من الاستثناءات التي تقلل الفاتورة النهائية.

أي شركات؟

لا تعني هذه الضريبة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، وإنّما حصراً المجموعات الكبيرة التي لها فروع وشركات في أرجاء العالم وتمتاز بمداخيل وموارد ضخمة، والمقصود عملياً هي الشركات التي ترسي قنوات معقّدة لخفض الكلفة الضريبية عليها. في البداية، استهدفت الركيزة الأولى من الإصلاح الشركات الرقمية، بما في ذلك المجموعات الأمريكية «جوجل» و«أمازون» و«فايسبوك» و«آبل»، الأمر الذي كان يثير استياء الولايات المتحدة.

ما حجم الإيرادات الضريبية؟

تقدّر منظمة التعاون المكاسب بمبلغ 81 مليار دولار سنوياً، بناءً على معدل 12.5% للركيزة الثانية. ويلفت مرصد الضرائب الأوروبي إلى أن بمقدور الاتحاد الأوروبي زيادة إيراداته من ضرائب الشركات بمقدار النصف في حال اعتماده نسبة 25%. بالنسبة إلى الشركات، التقدير ممكن فقط لتلك التي توافق على نشر أرباحها في كل من البلدان العاملة فيها، وتلك ليست حال عمالقة التقنية الأمريكية. ومن المتوقع أن يساهم الاتفاق بشأن توجيه جديد يلزم الشركات بالإبلاغ عن أرباحها في «كل دولة على حدة»، في تعزيز الشفافية الضريبية وتسهيل تنفيذ الإصلاح الحالي.