السينما في اللاذقية… بين الأمس واليوم
اللاذقية – مروان حويجة
يكاد حضور السينما في اللاذقية يقتصر على صالة الكندي والمراكز الثقافيّة والنوادي السينمائية، والتي لولاها لأصبح الفنّ السابع من معالم ذاكرة اللاذقية التي كانت تزخر بصالات عرض احتضنتها قبل خمسة عقود وشغلت حيّزاً لها في المشهد الثقافي والفني، وكرّست حالة التنافس الإيجابي البنّاء فيما بينها في مجمل أشكال نشاطها ونتاجها، وأمّا أثر هذا التنافس فكان منعكسه المباشر على جمهور السينما الذي جعل من ارتياد صالة السينما طقساً اجتماعياً وثقافياً وفنياً وشعبياّ بآن معاً، وسعى دوماً إلى تجديد علاقته بالسينما باستمرار وتطوير الذائقة الفنيّة التي تجلّت تواصلاً وتفاعلاً مع هذا الفن الإبداعي المؤثّر، وهذا ما تجدّده صالة سينما الكندي التي عاودت انطلاقتها ونشاطها قبل عدة سنوات، مجدّدة الحركة السينمائية كونها تمثّل بتاريخها ذاكرة عميقة متجدّدة من التواصل بشغف مع السينما من جمهور اللاذقية بعروض متنوعة ونوعية. وبما يتماهى مع هذا الفنّ الأصيل الذي يجمع التمثيل والأدب والشعر، حتى الرسم والموسيقا، والرقص والنحت، والفنون التشكيلية والعمارة وغيرها، وبذلك يكون انعكاساً للنفس الإنسانية، ومحرّكاً للأحاسيس والمشاعر، ومن هنا يمكنه الارتقاء بالنفس فكراً وثقافة كرسالة حضارية وإنسانية.
أمّا باقي المشهد السينمائي في اللاذقية، ما بين الأمس واليوم، فإذا كان هذا حال السينما في اللاذقية في الماضي، فإنّ هذا الحال أصبح في يومنا الراهن أثراً بعد عين، لأنّ الصالات الكثيرة ومنها مثلاً صالات اللاذقية- أوغاريت- دنيا- الأهرام- فردوس- الزهراء- شناتا- شهرزاد.. وغيرها، باتت في عداد أطلال السينما، وتلاشت منذ حوالي ثلاثة عقود على حساب انحسار مساحة السينما وحضورها، حيث لا يخفى دورها الأساسي فنياً وثقافياً، لأنّ كل ما يُشاع عن احتضار السينما أمام وسائل التكنولوجيا البصرية الحديثة فيه الكثير من المبالغة، لأنّ السينما فنّ يتعزّز وينتشر بمراكزه وصالاته وبإبداعاته المتجدّدة وبالمساحات التي تتاح أمام عشّاق وجمهور هذا الفن، وهذه الصالات والقاعات هي الأرضية الأساس لاحتضانه، وتقديمه للجمهور كما تضطلع هذه الصالات بوظيفة مركّبة ومتكاملة فنياً وثقافياً واجتماعياً، وهذا أكثر ما يحتاج إلى إعادة إحياء وتعميق الثقافة السينمائية، لأن هذه تعتبر أولوية كبيرة تسبق تأهيل وتجديد صالة العرض لأن الفن السابع بالأصل والحقيقة فنّ واسع.