“ذراع ضعيفة..”!
معن الغادري
تفرضُ ضرورة العمل في مجالس المدن والوحدات الإدارية، كونها تشكل الذراع الأقوى لعملية النهوض التنموي، وضع ضوابط جديدة للعمل التنفيذي والإشرافي والرقابي، تظهر بوضوح الرغبة والجديّة بإحداث تغيير نوعي وجوهري في طبيعة وآليات العمل، وبالتالي الخروج من دائرة العمل الضيّقة جداً، والانطلاق نحو ميادين العمل لتذليل ما يعيق استكمال المشاريع المقرّرة، وإعداد العدة لتنفيذ مشاريع حيوية وتنموية جديدة تعطي البعد الاقتصادي والاجتماعي المطلوبين.
ويبدو أن هذه الذراع في حلب تشكو من ضعف واضح، وهي غير قادرة على رفع منسوب العمل والإنجاز، فالواقع الخدمي غير المرضي، وخاصة في الأحياء المكتظة والمتضررة، والتي تتفاقم فيها حدة الأزمات الخدمية اليومية، لجهة النظافة ورداءة الطرقات والأرصفة وفوضى التجاوزات والتعديات على الأملاك العامة، يضاف إليها ملف الأبنية المتضررة والمتصدعة والتي ما زالت تشكل خطراً محدقاً على البسطاء والفقراء، يبيّن وجود خلل واضح في العمل التنظيمي والإداري، أدى إلى إضعاف واهتزاز القرار المطلوب اتخاذه لمعالجة الملفات المستعصية والمزمنة، وهو ما انعكس سلباً على نوعية وجودة الأداء، وأدى في المحصلة إلى توظيف الإمكانات والطاقات المتاحة في غير مكانها وزمانها المناسبين.
وعلى ما يبدو انشغال المجلس بملفات خدمية استثمارية لدعم خزينة المجلس – نذكر منها على سبيل المثال “المواقف المأجورة” – واستمرار البحث عن المزيد من المزايا والمنافع، وما يُحكى عن ازدواجية المهام والصلاحيات الممنوحة والاستئثار بالقرار والتغاضي عن التجاوزات والأخطاء وتدوير المشكلات من دورة عادية إلى أخرى، لا ينتظر من مجلس المدينة إحداث أي تغيير حقيقي في مضمون وجوهر العمل، وبما يؤسّس لآلية جديدة تعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطن، وتسهم في تحسين الواقع الخدمي والمعيشي وتعطي حافزاً ودافعاً للارتقاء بالعمل، وبما يواكب متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية ضمن مشروع النهوض المطلوب.
ونعتقد أن ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى، في ظلّ ما نعيشه من ظروف صعبة وضاغطة، تغيير حقيقي في النهج والفكر والممارسة، والاستفادة من التجارب السابقة، والأهم من كلّ ذلك لا بدّ من العمل على ردم الفجوة الحاصلة في منظومة العمل المؤسّساتي، ولن ينجح ذلك ما لم يكتمل مشروع الإصلاح الإداري ومحاربة كلّ مظاهر الفساد واجتثاث الفاسدين.