أخبارصحيفة البعث

لمواقفها العروبية.. الجزائر في مرمى الهجمات السيبرانية

تقرير إخباري

تتميز الجزائر بأنها أكبر دولة إفريقية ساعية لنبذ الاستعمار الفرنسي وهيمنته على القارة السمراء وإقصائه منها داخلياً وإقليمياً، ولعب دور محوري في إطلاق المبادرات الأمنية وتعزيز الوساطات لرأب الصدع الإفريقي، وتشجيع الاستثمارات والعلاقات الاقتصادية الإفريقية – الإفريقية فيما يتعلق باستثمار الثروات النفطية والباطنية، وتوطين التكنولوجيا في دول جوارها، كما أنها تلعب دوراً عربياً مركزياً فيما يخص دعم القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، وحلحلة جميع مشكلات المنطقة العربية لترسيخ وحدتها، فضلاً عن قيادتها لمساعي محاربة التطبيع بقوة ونبذ “إسرائيل” من جميع الكنتونات سواءً الإفريقية أو العربية بقوة، حيث قال الرئيس عبد المجيد تبون: “الجزائر لن تهرول صوب التطبيع”، ولا ننسى أيضاً دور الجزائر في كسر القطبية والوقوف على الحياد في مسألة فرض العقوبات الأحادية الغربية على روسيا إبان عمليتها الخاصة في أوكرانيا، ومسارعتها الخطى للانضمام إلى كيانات ومؤسسات العالم الجديد متعدّد الأقطاب.

وقد أثّر هذا الدور المحوري الإيجابي للجزائر لجهة استعار مشاعر أعدائها ضدّها، فباتت الدولة الشمال إفريقية الأولى في مرمى الهجمات السيبرانية، التي تُشن بالدرجة الأولى من “إسرائيل” وفرنسا، وقوىً أخرى مرتهنة لهما، لتستهدف مواقع صنع القرار السياسي والإعلامي والاقتصادي في البلاد، كالقصر الرئاسي ووزارة الشؤون الخارجية ووكالة الأنباء الرسمية ، حيث أكدت وزارة الدفاع الجزائرية أنها صدت عام 2022 نحو 30 مليون هجمة سيبرانية.

إن تلك الدول تسعى من وراء هجماتها العنيفة خلق ما يشبه الحرب، وكما ما هو معلوم فإن الحرب السيبرانية في الآونة الأخيرة تتحرك إلى ساحات مواجهةٍ ربما تُعد أخطر من الحروب التقليدية، وتستهدف كسر الدور الدولي والإفريقي والعربي للجزائر، وإحداث البلبلة والفوضى ونشر الأنباء الكاذبة بهدف دبّ الخلاف بين مؤسسات الدولة والشعب الجزائري، وشل حركة وتعطيل بعض القطاعات الهامة.

وبالمقابل فإن دولة مثل الجزائر تمتلك جميع الإمكانات لن تقف مكتوفة الأيدي، حيث كثفت جميع استعداداتها الدفاعية، عبر تطوير استراتيجية رقمية وإعداد كوادر بشرية قادرة على التصدي لهذه الحروب، بل حتى الوقاية منها قبل حدوثها، بهدف الحفاظ على وحدة وسلامة الجزائر وزيادة رصانة نهجها الوطني والدولي الثابت والمتمسك بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي.

وقد أصدر الرئيس تبون في هذا الصدد، قراراً رئاسياً بإحداث المدرسة العليا الخاصة للأمن السيبراني، التي ستمكن البلاد من إعداد كوادر الأمن والدفاع وتمكينها من تعزيز قدرة البلاد في وقف الهجمات السيبرانية المتكررة والآخذة بالتصعيد، في خطوة تحمل دلالات وأبعاد أمنية وسياسية، ولتحقيق السيادة الرقمية للبلاد، ومنع أي حالات للتجسس على عمل مؤسسات صنع القرار وحسابات بريد العاملين فيها، في وقت تتلقى نحو ثمانية آلاف هجوم سيبراني يومياً، ومن غير المستبعد أن تحمل خطوة الجزائر هذه دلالات أبعد قد تقلب السحر على الساحر في حرب كغيرها من الحروب التقليدية “كل شيء فيها مُباح”.

بشار محي الدين المحمد