محمود موعد.. ذاكرة ثقافية لألف عام
أحمد علي هلال
لعلها لحظة تراجيدية أخرى، لكنها المترعة بالكثير من حبر الرؤيا في مقاربة رحلة الدكتور محمود موعد في الزمان والمكان واللغة بحثاً عن شكل إبداعي مختلف، وعنده أن القصة القصيرة، بوصفها أصعب الأجناس وأكثرها حساسية، هي من ستجذبه أكثر ليُبدع أكوانها، ويفيض على وحداتها السردية بالكثير من هواجسه المؤسَسَة، كهاجسه الأصيل في العبور إلى المكان من خارج المكان، بل أكثر من ذلك سنقرأ دالة قصصه «رباعيات الموت والجنون، فحيح المرايا، برقوق من فلسطين، سخريات الظلال»، عدا عن ترجماته العديدة من الفرنسية وغيرها، سنقرأ ذلك في استعادة الشرط التاريخي والمعرفي الذي تعالق مع هذه المجموعات القصصية، وفي لحظة مختلفة ستنفتح فيها الدلالات أكثر على ما تعنيه القصة القصيرة الفلسطينية في واحدة من تحولاتها وذرواتها، قلقها وألقها بآن، ذلك أن الراحل د. محمود موعد وبعد ربع قرن ونيف على غيابه، سيبدو نصاً كثيفاً يطيف رؤيته/ سيرته في متون النصوص ليشكل هوية الإنسان والمكان، بحثاً عن ما يعلّل الإقامة في اللغة أبدية أخرى، اتصالاً بما أنجزه من سبقوه وتأسيساً لمن أتوا بعده على خط أفق الرؤيا، لإنجاز هوية القصة القصيرة الفلسطينية لتأخذ مكانتها وجدلها في القراءة والاستشراف، وفي التقاط اللحظة التي ستعني ما يلتقطه المبدع كمعادل موضوعي وجمالي لهذا العالم، ومحكياته الواقعية/ والحلمية بأن، وبهذا سيكون الوفاء لذاكرة خصبة مديدة كان درسها الأعلى أن الثقافة توحد لا تفرق، لكنها الثقافة المنتمية إلى قضية عادلة نبيلة، هي الحامل لكل إبداع حقيقي، يظل مع كل قراءة يجدد شرط تلاقيه بمرايا عابرة لأزمنته كلها، وذلك هو الأثر الأبقى أبداً.