500 ليرة فارق السعر لاستجرار التفاح.. وغياب الكهرباء يحبط آمال التخزين
دمشق- ميس بركات
لا زالت ثمار التفاح تتربّع على أغصان أشجارها أو تحتها حتى اليوم، في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون قد أخذت مكانها في صالات التدخل الإيجابي أو حتى في الأسواق بأسعار تعطي من زرعها حقه وبهامش ربح بسيط، إلّا أن إحجام الجهات المعنية حتى الآن عن إصدار أي تسعيرة لأسعار التفاح في مناطق الريف الجنوبي الغربي لمحافظة حماة ما زال سيّد الموقف، ولا زالت الوعود والخطابات التي تغنّى بها أصحاب الشأن على مدار العام بتقديم الدعم لمزارعي التفاح بتأمين المحروقات والمبيدات والسماد خلال هذا العام تنتظر التطبيق، الأمر الذي ترجمه الفلاحون بخنوعهم لعدم الاكتراث الحكومي بهم وشرائهم جميع ما ذكر من “السوق السوداء” وعدم أملهم بتسويق المحصول أو تأمين التغذية الكهربائية للبرادات في الصيف لتخزينها إلى فصل الشتاء هذا العام أيضاً، الأمر الذي أكده رؤساء الوحدات الإرشادية في حديثهم معنا عن عدم تواصل أي جهة مسؤولة معهم لتسويق المحصول، بدءاً من الاتحاد الذي من المفترض أن يكون الراعي الرسمي لهم وانتهاءً بوزارة الزراعة والسورية للتجارة اللتين لا زالتا في طور انتظار ما يجهله الفلاح.
في المقابل، نفى محمد المنصور رئيس مكتب التسويق في اتحاد فلاحي حماة لـ “البعث” وجود أي اتفاق مع السورية للتجارة حتى اليوم بشأن استجرار محصول التفاح، فالسعر الذي قدّمه الفلاح والمبنيّ على التكلفة الفعلية لكيلو التفاح لا يتناسب مع السعر الذي وضعته مؤسسة التدخل الإيجابي، إذ جرت المطالبة من قبل الاتحاد بتسعير الصنف الأول من التفاح بـ 4500 ليرة والثاني بـ 3500، والثالث بـ 2500، ليأتي الردّ بالمطالبة بخفض سعر النخب الثالث إلى الـ 2000 ليرة، علماً أن تكلفة الكيلو الواحد وصلت إلى 2800 ليرة، لينتهي المطاف بهلاك التفاح في هذه المناطق ويأس الفلاح من الاعتناء به وصولاً للتخلي عن الأشجار وقطعها. ولم يُخفِ المنصور المطالبات والمذكرات المقدّمة من قبل الاتحاد كل عام لزيادة ساعات وصل الكهرباء إلى تلك المناطق في الأشهر الثلاثة القادمة لتأمين حاجة برادات التفاح من التغذية الكهربائية وعدم الاستجابة لهم أيضاً.
تصنيع الخل
وكباقي المحاصيل، يبقى التفاح بانتظار التجار المتصيّدين ثروتهم من خسارة الفلاح المتلاحقة من خلال شراء المحصول بسعر لا يتجاوز الـ2500 للكيلو وطرحه في أسواق دمشق بأسعار تجاوزت الـ15000 ليرة للكيلو، ليؤكد أكرم عفيف “خبير تنموي” وجود خلل في العملية الزراعية والتسويقية لمحصول التفاح وباقي المحاصيل الإستراتيجية، فسوء إدارة الموارد من قبل الجهات المعنية والفلاح وعدم بحثهم عن بدائل لتصريف المحصول أدّى لتقديم التفاح والحمضيات كعلف للحيوانات بدلاً من التفكير بإنشاء معامل خل، أو الاستفادة مما يبقى من “تفل” التفاح كمكوّن علفي للحيوانات، كذلك تحدث عفيف عن أهمية الإنتاج الأسري للخل المحلي الذي يواجه الرفض من قبل التموين والذي تعتبره بحسب المرسوم رقم “8” مواد مجهولة المصدر وتحتاج لهوية للمنتج، ففي الوقت الذي ما زلنا نستورد به الخل نجد التفاح مركوناً بالأطنان في الأراضي بانتظار المجهول، وفي حال عدم القدرة على تفكير الجهات المعنية خارج الصندوق أو حتى تسعير المحصول بشكل منصف، يتوجّب عليهم تأمين خطوط تغذية كهربائية لتلك القرى التي تتواجد فيها برادات خاصة لتخزين التفاح، خاصة وأن وضع الكهرباء في تلك المناطق لا يحتمل تخزين التفاح في البرادات الخاوية على مدار السنوات الأخيرة والتي يتجاوز عددها 100 براد تقريباً.