العوامل البشرية تغذي الظواهر المناخية والجوية المتطرفة
سمر سامي السمارة
أعلن علماء دوليون مؤخراً، أن حدثاً مثل الأمطار الغزيرة التي أدت إلى فيضانات مميتة في ليبيا في وقت سابق من هذا الشهر “أصبح أكثر احتمالاً بما يصل إلى 50 مرة، وأكثر شدة بنسبة تصل إلى 50٪ مقارنة بمناخ أكثر برودة بمقدار 1.2 درجة مئوية”، أو بعالم ما قبل الصناعة.
كانت هذه واحدة من الاستنتاجات التي خلص إليها تحليل شبكة ” إسناد الطقس في العالم” المتعلق بهطول الأمطار الغزيرة في العديد من البلدان عبر البحر الأبيض المتوسط خلال الأسبوعين الأولين من شهر أيلول الجاري، والذي أجراه باحثون من ألمانيا واليونان وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وبحسب التقرير، فإن الافتقار إلى إجراءات الإنذار المبكر والإغاثة في حالات الكوارث لعب دوراً حاسماً في تفاقم النتائج المدمرة، ومع ذلك فإن الآثار المترتبة فيما يتعلق بالتكيف مهمة للغاية، خاصة في ضوء المخاطر المتزايدة بشكل كبير لتكرار ما حدث خلال العقود القادمة، بدلاً من مرتين في الألفية.
من جهتها قالت جولي أريجي، المديرة المؤقتة لمركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي كان بعض الباحثين فيه يعملون على تقرير شبكة ” إسناد الطقس في العالم”، إن هذه الكارثة المدمرة تظهر كيف أصبحت الظواهر الجوية الشديدة نتيجة تغير المناخ و العوامل البشرية أكثر تواتراً وتحدث تأثيرات أكبر، بحيث يتعرض المزيد من الأشخاص والأصول والبنية التحتية لمخاطر الفيضانات. ومع ذلك، هناك حلول عملية يمكن أن تساعدنا في منع تحول هذه الكوارث إلى روتين، مثل تعزيز إدارة حالات الطوارئ، وتحسين التوقعات القائمة على التأثير وأنظمة الإنذار، والبنية التحتية المصممة للمناخ المستقبلي.
كما وجد فريق شبكة ” إسناد الطقس في العالم” أنه بالنسبة للمنطقة، بما في ذلك اليونان وأجزاء من بلغاريا وتركيا، أدى تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري إلى زيادة احتمال حدوث ظواهر مناخية متطرفة بما يصل إلى 10 أضعاف وأكثر شدة بنسبة تصل إلى 40٪.
وبحسب التقرير: “فإن المنطقة الأكثر تضرراً في اليونان، وهي سهل ثيساليا، تمثل أكثر من ربع الإنتاج الزراعي في البلاد، وبعد أن غمرت المياه أكثر من 75 ألف هكتار، تشير التقديرات إلى أن القطاع الزراعي في ثيساليا سيحتاج إلى خمس سنوات للتعافي من الأضرار ولكي تصبح الأراضي خصبة مرة أخرى، مضيفاً، أن البحر الأبيض المتوسط نقطة ساخنة للمخاطر التي يغذيها تغير المناخ”.
ويشير التقرير إلى أنه بعد صيف شهد موجات حر مدمرة وحرائق غابات مع بصمة واضحة للغاية لتغير المناخ، أثبت قياس مساهمة الاحتباس الحراري في هذه الفيضانات أنه ينطوي على تحديات أكبر، ومع ذلك ما من شك على الإطلاق في أن الحد من عوامل الضعف وزيادة القدرة على التكيف مع جميع أنواع الطقس المتطرفة أمر بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح في المستقبل.
تم إصدار التحليل عشية قمة الأمم المتحدة لطموح المناخ في مدينة نيويورك، والتي قرر بعض زعماء العالم، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن، تخطيها على الرغم من المطالبات باتخاذ إجراءات جريئة، لا سيما من الدول الغنية المسؤولة إلى حد كبير عن حالة الطوارئ التي يعيشها كوكبنا.
بدوره، قال جاغان تشاباجين، الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إن الكارثة في درنة هي مثال آخر على ما يحدثه تغير المناخ بالفعل على الظواهر الجوية، ومع ذلك فإن عوامل متعددة في ليبيا حولت العاصفة “دانيال” إلى كارثة إنسانية، وليس تغير المناخ فحسب، لكن تغير المناخ جعل العاصفة أكثر تطرفاً وأكثر شدة، ما أدى إلى فقدان الآلاف من الأرواح. مضيفاً، يجب أن يكون ذلك بمثابة دعوة لإيقاظ العالم للوفاء بالتزامه بشأن خفض الانبعاثات، وضمان التمويل لتخفيف حدة تغيير المناخ، ومعالجة قضايا الخسائر والأضرار.