الصين تطالب بسلامة حياة البشر البحرية
عائدة أسعد
أعلنت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية، وهي الشركة المشغلة لمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية المتضررة، في آب الماضي أن الجولة الأولى من إطلاق المياه المعالجة والمخففة قد اكتملت.
كما أتم إعلان أن إلقاء اليابان للمواد المشعة في المحيطات كان نظيفًا وآمناً، حيث تناول رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، بالإضافة إلى ثلاثة وزراء آخرين في حكومته، طبق سمك ساشيمي من فوكوشيما في اجتماع غداء عقده الصحفيون، في محاولة واضحة لإظهار أن الأسماك أصبحت آمنة بعد إطلاق مياه الصرف الصحي المشعة المعالجة من محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية.
لكن هذه المحاولة لإقناع الناس أنها آمنة لم تخدع أحداً، إذ تظهر البيانات أن المياه التي يتم التخلص منها تحتوي على مستويات عالية من المواد المشعة، مثل التريتيوم، والتي من المستحيل تصفيتها.
وقد كانت الصين هي الدولة الأكثر صخباً بين المجتمع الدولي في احتجاجها على إلقاء هذه المياه، وتسليط الضوء على مخاطر إلقاء هذه المياه في البحار والدعوة إلى مزيد من التدقيق، الأمر الذي لم يلق آذاناً صاغية.
وهناك صورة نمطية طويلة الأمد للصين والتلوث في الغرب، حيث بذلت جهوداً أكبر في الدفع من أجل حماية البيئة أكثر من العديد من الدول الأخرى، مثل القوى الغربية التي لا تزال تناقش وتجادل إذا كانت حماية البيئة جديرة بالاهتمام.
وأصبحت الصين واحدة من أكبر مستهلكي السيارات الكهربائية، مع زيادة في المشتريات بمقدار 1.6 مرة على أساس سنوي بينما استمرت المملكة المتحدة في الجدال حول ما إذا كان الانتقال إلى السيارات الكهربائية يستحق العناء، مع شيوع الاحتجاجات المطالبة بالتدابير البيئية، وكان هناك أيضاً احتجاجات ضد الجهود المبذولة لتعزيز الانتقال إلى السيارات الكهربائية، مثل برنامج “ULEZ” في لندن، مما أدى إلى احتجاج سائقي السيارات ضد الانتقال ووضع وسائل النقل الصديقة للبيئة على الهامش، وقد يكون من الأرخص الآن التمسك بالسيارات التي تعمل بالبنزين، لكن سيتم دفع الثمن عاجلاً أم آجلاً.
وتجدر الإشارة إلى أنه ليس غريباً على الغرب أن يتجاهل الكوارث المرتبطة بتلوث المياه، على نحو أشبه بإلقاء النفايات غير المسؤول في اليابان فقبل بضع سنوات فقط، واجهت بريطانيا فضيحة ضخمة ظلت مخفية عن البريطانيين لمدة عقد تقريباً وقامت شركات المياه بإلقاء الملوثات السامة بلا مبالاة- من مياه الصرف الصحي إلى المواد الكيميائية الصناعية- إلى الأنهار والبحيرات التي يمكن الوصول إليها بشكل عام، وقد بدأ هذا في عام 2013، عندما بدأت الشركات تكتشف أن الغرامات البيئية التي تفرضها الوكالات الحكومية أرخص من الطرق النظيفة والأكثر أماناً لإزالة النفايات.
وقد ظل هذا طي الكتمان حتى عام 2021 عندما أصبح كارثياً للغاية لدرجة أنه تم فرضه على الضمير العام وكان الناس في حالة صدمة من إمكانية حدوث ذلك في مثل هذا البلد المتقدم ولم يعد بوسع المملكة المتحدة توجيه أصابع الاتهام إلى البلدان الأخرى بسبب سياساتها البيئية المتساهلة.
وتظهر البيانات أنه كان هناك أكثر من 37000 تسرب في عام 2021 وحده، مع تأثر 90 شاطئاً في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وسيؤدي هذا الإغراق في إمدادات المياه إلى تأثيرات مباشرة على البشر والنباتات والحياة البرية كما كانت هناك قصص عن أشخاص يسبحون في البحيرات العامة ثم يصابون بعدوى فظيعة، وحتى حكايات عن إصابة أطرافهم بالغرغرينا، وهذه هي الآثار البشرية للإهمال البيئي.
والولايات المتحدة أيضاً ليست بريئة في التستر على الكوارث فقد عانت ولاية أوهايو في العام الحالي من واحدة من أسوأ الكوارث الكيميائية في القارة، بعد خروج قطار شحن عن مساره وإتلاف آلاف الغالونات من السيراميك الخطير، ومات أكثر من 40 ألف سمكة وأحياء مائية أخرى، كما تواجه الممرات المائية مستقبلاً طويلا من التلوث وكانت هذه الكارثة بمثابة حساب وجودي لإحدى الطوائف الدينية في أمريكا، وهي طائفة الأميش، حيث أن مياه الشرب الخاصة بهم ملوثة ومن الأفضل للحكومة أن تقوم فقط بتسريع عملية التنظيف للحفاظ على تدفق الأموال إلى المستفيدين من السكك الحديدية.
إن الصين تقف وحدها في المطالبة بالتدقيق في سلامة حياة البشر البحرية والمحيطات ولكن هل يمكن للمملكة المتحدة والقوى الغربية الأخرى الوقوف في وجه اليابان في حين أنها غير قادرة على الدفاع عن البيئة داخل حدودها؟.