دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة (خانجو 2023).. رسالة صينية واضحة عن التطور والتنظيم وكيفية استضافة الأحداث الكبيرة.. حضور عربي مقبول رقمياً في الدورات الآسيوية ورياضتنا في مركز متقدم
البعث الأسبوعية- مؤيد البش
نجحت الدورة الآسيوية التاسعة عشرة التي تستضيفها مدينة خانجو الصينية قبل أن تبدأ، وكيف لا وقد استطاعت الصين أن تستقطب أنظار العالم وتكون قبلة الرياضيين لتحتضن واحداً من أكبر الأحداث الرياضية بكل ثقة، مبرزة قدراتها الاستثنائية التي مكنتها من أن تتحول لقطب عالمي في شتى المجالات.
الدورة التي تجري منافساتها في مدينة خانجو عاصمة مقاطعة تشيجيانغ شرق الصين تستمر منافساتها حتى الثامن من تشرين الأول المقبل بمشاركة نحو 12500 رياضي من 45 دولة يتنافسون في 40 رياضة.
اللجنة المنظمة للدورة التي كان من المقرّر أن تُقام العام الماضي أكدت أن جميع المنشآت الـ 56 المخصّصة للألعاب في أعلى جاهزية، فيما شدّد وي جي زهونغ النائب الفخري لرئيس المجلس الأولمبي الآسيوي على أن الألعاب الآسيوية ستكون الأكبر، وربما أكبر من الألعاب الأولمبية.
نسخة استثنائية
الصين وفي سبيل توفير استضافة مثالية أنشأت مجمعاً رياضياً على أحدث طراز تقني ومعماري ليكون مركزاً للألعاب القارية، ويقع مركز معرض خانجو الأولمبي الرياضي على الضفة الشمالية لنهر تشيانتانغ ويتوسطه الملعب الرئيسي الذي سيستضيف الألعاب، كما شُيّد ملعب كرة المضرب المعروف باسم زهرة “اللوتس الصغيرة” بجانب الملعب الرئيسي وهو يتميّز بتصميم يتضمن سقفاً قابلاً للطيّ، على أن تستضيف صالة الرياضات المائية بالمركز مسابقات السباحة والغوص والسباحة الفنية وكرة السلة، وتمّ تصميم الصالة لتكون بمثابة ساحة ثنائية في موقع واحد ذات شكل انسيابي فريد وأسقف مزدوجة الطبقة مغطاة بالكامل بألواح معدنية فضية، وسيتمّ استخدام 44 مكاناً للألعاب، بما في ذلك 30 مرفقاً قائماً و14 مكاناً تمّ تشييدها حديثاً.
ومن بين الملاعب التي ستحتضن الألعاب جذب ملعب الفراشة أنظار الناس بسبب مظهره الجميل وتصميمه الصديق للبيئة والذي يشبه شكل فراشة، حيث تمّ تجهيز الملعب بـ210 أنبوب ضوئي، تعمل على نشر الضوء الطبيعي من الخارج إلى الداخل من خلال أغطية السقف العلوية، وفي سطح مركز فويانغ للرياضات المائية، تمّ تخصيص نحو 24 ألف متر مربع للنباتات الخضراء والأزهار، لتنسجم مع المناظر الطبيعية المحيطة، وقد ساهمت هذه المساحة الخضراء في زيادة معدل تخضير المكان إلى 45 في المائة، وأفادت الناس من خلال المساعدة في تثبيت الكربون وإطلاق الأكسجين والعزل الحراري، وتقليل جريان مياه الأمطار.
ومع بدء المباريات قام اثنان وسبعون فندق استقبال رسمي بتجديد غرف الضيوف ومرافق الإطفاء والمرافق الأمنية وما إلى ذلك، بينما أجريت العديد من التدريبات مثل آداب الخدمة وسلامة الأغذية أيضاً.
منشآت وتكنولوجيا
بعد الافتتاح الرسمي للدورة بدأت وفود الدول المشاركة بالوصول تباعاً لتستقرّ في القرية الرياضية والتي تبلغ مساحتها نحو 1.13 مليون متر مربع، وتتكوّن من قرية الرياضيين، وقرية المسؤولين الفنيين، وقرية الإعلام، وهي أكبر مكان غير تنافسي للدورة.
ووفقاً لصحيفة الشعب الصينية فإن خانجو وعدت بتنظيم دورة صديقة للبيئة وذكية وموفرة للطاقة، حيث ستضمن تشغيل جميع مرافق ومنشآت الدورة بالكهرباء النظيفة بالكامل، وقد ساهمت عدّة مشاريع لتوليد الطاقة الكهروضوئية في عموم الصين بالطاقة الخضراء التي ستخدم في الألعاب الآسيوية، مثل حوض تشايدام في مقاطعة شنغهاي، ومدينة جيايوقوان، وهضبة اللوس شمال الصين بالإضافة إلى مشاريع طاقة الرياح في أنحاء مختلفة، كما تمّ وصل الكهرباء الخضراء المنتجة في مشاريع الطاقة بمقاطعة تشيجيانغ، على غرار مشروع الطاقة الكهروضوئية ومشروع طاقة الرياح البحرية، بالشبكة الوطنية للكهرباء، لإضاءة مرافق الألعاب الآسيوية.
من جهة أخرى من المتوقع أن تصبح السيارات الكهربائية اتجاهاً جدياً للسفر الأخضر خلال الدورة، حيث قامت شركة الشبكة الوطنية للتزويد بالكهرباء في مدينة خانجو، ببناء شبكة من أعمدة الشحن الكهربائي على نطاق واسع في المدينة الرياضية ومنطقة بينجيانغ والمناطق المحيطة بها.
أما مركز يانغشان للتسلق الرياضي في مدينة شاوشينغ، والذي سيستضيف منافسات التسلّق، فقد تمّ تحويله من منجم مهجور إلى مكان للمنافسة الدولية وقاعدة لتسلق الصخور، واعتمد المكان تصميماً شبه مفتوح، مما يسمح للرياضيين والمتفرجين بالاستمتاع بالمناظر الطبيعية للمحجر الأصلي أثناء المنافسات.
ومن خلال رفع شعار “صفر نفايات”، لا يعني المنظمون ببساطة عدم إنتاج النفايات الصلبة، بل يهدفون للمضي قدماً في تقليل النفايات من المصدر وإعادة تدويرها، وبالتالي تقليل تأثير النفايات الصلبة على البيئة، ولذلك بنى المنظمون 12 منشأة جديدة فقط من أصل 56، أما الـ 44 المتبقية فتمّ تحويلها أو تشييدها مؤقتاً، وتمّ استخدام المباني الجاهزة على نطاق واسع والمواد القابلة لإعادة التدوير والمتجددة أثناء البناء.
حضور عربي
النسخة الحالية من الدورة ستشهد مشاركة 11 دولة عربية هي: سورية، البحرين، الكويت، قطر، السعودية، لبنان، العراق، عُمان، الأردن، فلسطين، اليمن، وقبل انطلاق المنافسات تتصدر الصين قائمة الدول الأكثر حصداً للميدالية في التاريخ برصيد 3187 ميدالية، وخلفها اليابان برصيد 3054 ميدالية مختلفة، ولا يوجد أي دولة عربية في قائمة أول 10 دول حصدت ميداليات في تاريخ مشاركتها.
تاريخياً جاءت فكرة إقامة دورة رياضية آسيوية من الهندي غورو سوندهاي رئيس اللجنة الأولمبية الهندية على هامش أولمبياد لندن عام 1948، وكان من المفترض أن تجري الدورة عام 1950 ولكن عدم اكتمال المنشآت الرياضية في الهند أدى إلى تأجيلها عاماً واحداً، وقد انطلقت الدورة رسمياً في آذار عام 1951 في مدينة بمشاركة (489) رياضياً، بينهم (31) رياضيّة من (11) دولة آسيوية.
الدورة الثانية أقيمت في العاصمة الفلبينية مانيلا عام 1954 بمشاركة 970 رياضياً يمثلون 18 دولة في 8 ألعاب وواجهت الدورة انتقادات واسعة بسبب سوء التنظيم وارتفاع درجات الحرارة التي أثرت على المستوى الفني بشكل عام.
أما دورة الألعاب الآسيوية الثالثة فاستضافتها طوكيو عاصمة اليابان عام 1958 وشارك فيها 1820 رياضياً يمثلون 20 دولة.
توالي ومقاطعة
واستضافت أندونيسيا الدورة عام 1962 بمشاركة 1460 رياضياً وسط منع مشاركة الكيان الصهيوني فيها، ليهدد المجلس الاولمبي الآسيوي أندونيسيا بعدم الاعتراف بالأرقام التي تسجل، كما هددت اللجنة الاولمبية الدولية أندونيسيا بتجميد عضويتها لكنها استمرت على موقفها المعارض لمشاركة الصهاينة.
دورة الألعاب الآسيوية الخامسة جرت في بانكوك التايلندية عام 1966 بمشاركة 2500 رياضياً في 14 لعبة مختلفة، وبعد أن اعتذرت كوريا الجنوبية عن عدم استضافة الدورة السادسة، استضافتها بانكوك التايلندية للمرة الثانية على التوالي عام 1970 بمشاركة 2400 رياضياً من 18 دولة تنافسوا على إحراز 137 ميدالية ذهبية في 13 لعبة.
العاصمة الإيرانية طهران احتضنت النسخة السابعة للدورة عام 1974 وشارك فيها 25 دولة بمشاركة 3010 رياضياً تنافسوا في 16 لعبة، الدورة الثامنة كان من المنتظر أن تجري منافساتها في باكستان عام 1978 لكنها اعتذرت، وبعد اجتماعات عدة قررت الدول العربية تقديم مساعدة بقيمة 265 مليون دولار لتنظم تايلاند الألعاب بمشاركة 3842 رياضياً يمثلون 25 دولة، واستطاعت الدول العربية بالتعاون فيما بينها إقصاء الكيان الصهيوني عن التواجد في الألعاب.
وفي هذه النسخة كان الحضور الأول للرياضة السورية بعد أن غابت عن جميع النسخ السابقة.
عهد جديد
احتضنت الهند الدورة التاسعة عام 1982 وكانت الأولى رسمياً بإشراف المجلس الأولمبي الآسيوي بمشاركة 4595 رياضياً يمثلون 33 دولة في 21 لعبة، فيما استضافت كوريا الجنوبية دورة الألعاب الآسيوية العاشرة عام 1986 بمشاركة 4839 رياضياً (منهم 775 رياضية) من 27 دولة شاركوا في 25 رياضة.
الدورة الحادية عشرة أقيمت عام 1990 في العاصمة الصينية بكين بمشاركة 6122 رياضياً يمثلون 37 دولة، وشهدت الدورة تحطيم سبعة أرقام قياسية عالمية و89 رقماً اسيوياً، واستضافت مدينة هيروشيما في اليابان النسخة الثانية عشرة عام 1994.
وأقيمت دورة الألعاب الآسيوية الثالثة عشرة عام 1998 في بانكوك في تايلند بمشاركة 41 دولة، وبلغ عدد الرياضيين 6700 في 36 تخصص، وجرت النسخة الرابعة عشرة في بوسان الكورية الجنوبية عام 2002 وشارك فيها 6700 رياضياً من 44 دولة في 38 رياضة وتميزت بمشاركة جميع الدول المنتسبة للمجلس الأولمبي الآسيوي.
الدورة الخامسة عشرة أُقيمت عام 2006 في الدوحة القطرية وتعتبر أول مدينة عربية تستضيف الحدث القاري، وعادت الصين لتستضيف النسخة السادسة عشرة عام 2010 في مدينة غوانزو بمشاركة قياسية في 42 رياضة.
دورة الألعاب الآسيوية السابعة عشرة أقيمت في مدينة إنتشون في كوريا الجنوبي عام 2014 بمشاركة 45 دولة، فيما تصدت جاكرتا الأندونيسية لنسخة عام 2018 بعد اعتذار العاصمة الفيتنامية هانوي عن استضافتها.
أرقام وميداليات
الحضور العربي في الدورات الآسيوية يمكن القول أنه جيد من الناحية الرقمية، حيث بدأت المشاركة العربية في نسخة عام 1974، عن طريقي رياضيي العراق والكويت الذين حصدوا 5 ميداليات ملونة في تلك الدورة.
أما الرياضيون العرب فجمعوا 505 ميداليات ملونة بواقع 143 ذهبية، و157 فضية، و205 برونزيات على مدار مشاركاتهم في دورات الألعاب الآسيوية، وتتصدر البحرين جدول الميداليات العربية عبر تاريخ الدورات بحصولها على 74 ميدالية ملونة، بواقع 31 ذهبية، 24 فضية، و19 برونزية، وتأتي قطر في المركز الثاني بإجمالي 105 ميداليات ملونة، بواقع 30 ذهبية، 31 فضية، و44 برونزية.
أما رياضتنا فتحتل المركز الخامس عربياً بإجمالي 33 ميدالية ملونة بواقع 10 ذهبيات، 7 فضيات، و16 برونزية.
علماً أن الحصيلة العربية الأكبر من الميداليات تحققت في دورة الدوحة عام 2006 بواقع 111 ميدالية ملونة منها 37 ذهبية.