زيارة الرئيس الأسد للصين.. قفزة نوعية إلى الأمام
البعث الأسبوعية- سمر سامي السمارة
عكست زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى جمهورية الصين الشعبية تزايد الثقة السياسية بين البلين والحرص على رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى “شراكة إستراتيجية”، الأمر الذي يؤكد أن سورية والصين ماضيتان بالتعاون المشترك ودعم القضايا التي تمس مصالحهما الأساسية.
وللإشارة، كان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أبلغ الرئيس الأسد في مكالمة هاتفية عام 2021، أن الصين مستعدة للتعاون مع سورية لتعزيز القيم الإنسانية وتشجيع التواصل بين الحضارات، ومن جهته أكد الرئيس الأسد إن سورية ستدعم الصين في القضايا المتعلقة بقضايا شينجيانغ وشيزانج وهونغ كونغ وتايوان وحقوق الإنسان وبحر الصين الجنوبي.
تاريخياً، شاركت سورية في رعاية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أعاد للصين مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة، وكانت من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، ومنذ أن بدأت العلاقات الدبلوماسية قبل 67 عاماً، نجحت العلاقات الصينية السورية في الصمود أمام التغيرات العالمية وعززت الصداقة الثنائية.
يُظهر واقع الحال، أن البلدان استطاعا الحفاظ على العلاقات الثنائية والصمود أمام اختبار التغيرات الدولية، حيث تعززت الصداقة بين البلدين خلال هذه السنوات.
ويرى مراقبون أن زيارة الرئيس الأسد للصين تشكل حالة جديدة من تطور العلاقات رفيعة المستوى بين البلدين، حيث تأتي الزيارة في مجرى التطور المتسارع للأحداث العالمية، ومن المؤكد أن تحمل نتائج تلك الزيارة قيام علاقات إستراتيجية أكثر قوةً ومتانةً، خاصة وأنّ سورية تشكل رقماً صعباً في المعادلة السياسية كونها تملك موقعاً جيواستراتيجياً هاماً في منطقة الشرق الأوسط، وتملك موقفاً جيوسياسياً قوياً في مجابهة المشاريع الغربية.
من المتوقع أن تساعد الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في إعادة تأهيل الاقتصاد السوري المتضرر جراء العقوبات الأمريكية الجائرة. وقد قدمت الصين دعماً كبيراً في الحرب الكونية الشرسة التي تعرضت لها سورية على مدار 12 عاماً الماضية. والتزاماً منها بالقانون الدولي ومعارضتها لأي شكل من أشكال التدخل، عارضت الصين بشدة جميع المحاولات الرامية إلى نزع الشرعية عن الدولة السورية والإطاحة بحكومتها، كما دافعت عن وحدة الأراضي السورية واستخدمت حق النقض مرات عديدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع التدخلات في الشؤون الداخلية لسورية، كما أنها لم تتوان عن تقديم المساعدة للشعب والحكومة السورية بعد الحرب على سورية المدعوم من الخارج، خاصة في التعامل مع العقوبات غير الشرعية المفروضة على سورية.
ووقعت سورية مذكرة تفاهم بشأن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين في عام 2022 لإعادة البناء بعد الحرب، ما يدل على ثقتها بالمبادرة الصينية، وأبلغ وزير الخارجية الصيني وانغ يي وزير الخارجية آنذاك وليد المعلم، الذي زار بكين عام 2019، أن الصين “تدعم بقوة إعادة البناء الاقتصادي في سورية و”مكافحة الإرهاب”.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية، مدّت الصين يد العون لسورية على الفور، حيث قدمت كمية كبيرة من المساعدات بما فيها مواد غذائية وباصات ولقاحات ومعدات طبية وغيرها، ودرّبت عدداً كبيراً من الكوادر السورية في مختلف المجالات. وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في شباط الماضي، قدم الجانب الصيني للمناطق المنكوبة ومنذ اللحظة الأولى، الملابس والخيم والأدوية والأغذية والوحدات السكنية مسبق الصنع وغيرها من مواد الإنقاذ العاجل، كما نظمت القطاعات الصينية والصينيون المقيمون في سورية أنشطة تبرع للمناطق المنكوبة. على طريق إعادة بناء المنازل في المناطق المتضررة، وسيظل الجانب الصيني يقف إلى جانب سورية، وسيقدم كل ما في وسعه من المساعدات له حسب احتياجاته.
وعلى صعيد آخر، أصبحت المنح الدراسية للتدريب المهني في سورية أكثر انتشاراً في الصين، حيث يمكن للمهنيين السوريين التعرف على أفضل الممارسات العالمية والتكنولوجيا الجديدة والتعليم المتقدم في الصين من خلال المنح التدريبية، وتظهر مثل هذه البرامج المزايا العديدة للعلاقات الدولية التي تتجاوز التجارة.
وبحسب وزارة التجارة، وصلت الاستثمارات الصينية في سورية بحلول عام 2019، إلى 135.7 مليار دولار. وفي عام 2019، وصلت التجارة الثنائية إلى 1.3 مليار دولار، بزيادة 33 بالمئة.
يسعى البلدان إلى التنمية عن طريق التعاون والمنفعة المتبادلة، وتعد الصين ثاني أكبر مصدر للاستيراد التجاري في سورية، ورغم التأثير الخطير الناتج عن العقوبات الأحادية الجانب وغير الشرعية على سورية التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية، حقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين نتائج مثمرة في السنوات الأخيرة بفضل الجهود المشتركة للجانبين.
من الواضح، أن العلاقات السورية الصينية تمثل التفاؤل والمرونة في التجارة والعلاقات العالمية، إذ ترحب الصين بنهضة سورية من جديد، وترى أهمية مثل هذا التعاون، وقد تثبت الجهود التي يبذلها الطرفان كيف يمكن للتعاون الدولي أن يعزز النمو الاقتصادي والرخاء.