أين الشراكة؟
معن الغادري
ما أفرزه الحصار الاقتصادي الجائر من اختناقات معيشية وفوضى وفلتان في الأسواق والأسعار، ومن تلاعب في سعر الصرف من قبل تجار الأزمات وحيتان السوق، لا يعفي الجهات المعنية، والرقابية على وجه التحديد، من تنفيذ المهام المنوطة بها، واتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات صارمة تحدّ من حجم الارتكابات والمخالفات التي تتواتر آثارها السلبية على المشهد الحياتي اليومي وعلى لقمة عيش المواطن.
وهنا لا نستبعد دور قطاع رجال الأعمال عن هذا المشهد المأزوم، إذ يشكّل الجزء الأكبر من المشكلة القائمة حالياً بالنظر إلى طبيعة تعاطيه غير المسؤولة مع مفرزات وتداعيات هذه الأزمة، وتنصل البعض بل الكثيرين من مسؤولياتهم الوطنية الملقاة على عاتقهم، ما زاد من حدة الأزمات وأضعف العلاقة والشراكة المفترضة أن تكون على أحسن ما يرام مع الحكومة والفريق الاقتصادي. ونعتقد أن المرحلة الراهنة والمستقبلية، في ضوء المؤشرات والمعطيات الإيجابية التي بدأت تظهر تباعاً، تتطلّب دوراً تشاركياً أكثر فاعلية من قبل القطاعين العام والخاص، وإجراءات شجاعة وداعمة يكون لها الأثر الإيجابي الواضح والملموس على الواقع الإنتاجي والمعيشي.
وهنا تبرز أهمية دور غرف التجارة والصناعة كعامل مساعد ومهمّ في تغيير صورة المشهد من خلال زيادة الإنتاج وتغطية حاجة السوق من السلع والمواد الغذائية وغيرها، وبأسعار منافسة ومتوازنة بعيداً عن الربح الفائض والاحتكار والاستغلال، وهو المعيار الحقيقي لإثبات مصداقية وشرعية هذه الجهات كحامل ورافع للاقتصاد الوطني وليس العكس؟!.
ولعلّ الأهم أن تكون أي مبادرة في هذا المجال جدية وتفي بالغرض، لا أن تأخذ الطابع الدعائي والإعلاني وحسب. فالحاجة الآن تبدو أكثر من ماسة وملحة لإظهار الحالة التشاركية بأبهى صورها ومعانيها الوطنية الخالصة، وعلى نحو يعيد الثقة والثبات لاقتصادنا الوطني، وبموازاة ذلك يتطلّب من الفريق الاقتصادي الحكومي انتهاج سياسات مرنة ومنفتحة تجنّب اقتصادنا الوطني المزيد من الاهتزازات والاختلاجات.