مجلة البعث الأسبوعية

المنتخب الوطني لكرة القدم بين الواقع والطموح.. فوز ثمين على الصين ودياً وتجارب مريرة مستمرة والقادم أصعب

البعث الأسبوعية- ناصر النجار

انتهت أيام الفيفا وخرجت كرتنا من مولد النشاط الرياضي بلا حمص ولم تحقق النجاح على مستوى الحضور والأداء والنتيجة وتبين للجميع أن كرتنا فقدت هويتها وأننا بحاجة إلى ساحر ليخرج كرتنا من ازماتها المتلاحقة ومن سوء الطالع التي يلازمها.

منتخبنا الوطني للرجال أنهى معسكره في الصين وأدى مباراتين فيه فتعادل في الأولى مع ماليزيا بهدفين لمثلهما، وفاز في الثانية على الصين بهدف دون مقابل، مباراة ماليزيا يجب أن تكون للنسيان بعد أن قدم منتخبنا أسوأ ما يمكن تقديمه في عالم كرة القدم، ورغم أدائه المقبول نسبياً في الشوط الأول إلا أنه انهار بلا أي سبب في الشوط الثاني وتراجعت لياقة كل اللاعبين إلى درجة الصفر، وللأسف وجدنا الفريق الماليزي يصول ويجول في المباراة وقد تحول إلى مارد على حساب تواضع أداء لاعبينا فأدرك التعادل بأخطاء ساذجة غير مقبولة من فريق محلي ولو أسعفت الخبرة لاعبي ماليزيا لكان للمباراة نتيجة أخرى!

لا ننكر أنه في المباراة الثانية مع الصين تحسن الأداء قليلاً وقد أطربنا ذلك وزاد من سعادتنا تحقيق الفوز، وحدث ذلك من خلال تغيير المدرب للتشكيلة وإشراك لاعبين جدد لم يتواجدوا في المباراة الأولى فتحقق الفوز الثمين على الصين في عقر دارها وأمام جماهيرها ولا شك أن الفوز له تأثير معنوي على كرتنا وقد رفع معنوياتنا ومعنويات اللاعبين وعوض ما فقدناه من نقاط تصنيفية على صعيد الترتيب الدولي للمنتخبات.

عموماً وبكل الأحوال لم يظهر المنتخب الصيني كمرعب وكان أقل من عادي ورغم سيطرته على المباراة إلا أنه افتقد للحلول المجدية في منطقة العمليات فكانت كراته كلاسيكية أبعدها دفاعنا بسهولة، وعلينا هنا أن نذكر أن الخط الخلفي والحارس كانوا بخير حسب مجريات المباراة لكن هذا الخط افتقد الكثير من المهام المطلوبة ونذكر منها بناء الهجمات فالاعتماد على التشتيت كهدف أول أضاع علينا الكثير من الهجمات المرتدة وأضاع علينا فرص السيطرة على منطقة الوسط، لذلك بدا للمتابعين أن الصين سيطرت على المباراة ومنتخبنا فاز، ونشير ايضاً إلى أن التحكيم لم يكن موفقاً في المباراة فضاعت فرصة هدف من حالة تستحق ركلة جزاء، كما ألغي لنا هدف بداعي التسلل دون أن تكون راية الحكم المساعد صحيحة.

علينا أن ندرك أن المنتخبات التي سنواجهها فيما بعد أقوى من الصين وأكثر وزناً وثقلاً في عالم كرة القدم لذلك علينا ألا نفرح كثيراً بهذا الفوز وأن نعمل منذ الآن على تلافي أخطاء المباراتين.

مهمات صعبة

النشاطات القادمة للمنتخب الأول كثيرة منها تصفيات المونديال القادم التي ستبدأ بعد شهرين ومنها النهائيات الآسيوية التي ستنطلق في الشهر الأول من العام القادم في قطر والمواجهات وضعت كرتنا مع منتخبات ثقيلة لها باعها الكروي ولها وزنها، ففي تصفيات كأس العالم سنواجه اليابان وكوريا الديمقراطية وأحد منتخبي ماكاو أو ميانمار في المجموعة الثانية، والحديث عن قوة هذه المجموعة مختصر بقوة اليابان التي هزمت قبل أسبوع ألمانيا 4/1 وأتبعتها بتركيا 4/2، والتوجه سيكون بشكل أساسي نحو المباراتين المتبقيتين فإذا كان منتخبا مكاو أو ميانمار ضمن السيطرة بالقليل من الجهد والجدية إلا أن كوريا لا يمكن التكهن بمستواها أو مشاركتها، فأحياناً تقدم نفسها بشكل قوي وأحياناً دون ذلك، أما النهائيات الآسيوية فهي الأقوى والأقسى والأصعب بمواجهة استراليا وأوزبكستان وربما الهند المتطورة بالوقت الحالي سيصبح تجاوزها أمر صعب.

بالمحصلة العامة إن بقيت أمور منتخبنا على الشاكلة التي ظهر بها في معسكر الصين فإن الأمور ليست بخير ومنتخبنا سيواجه الكثير من المتاعب والنكسات.

الحديث عن المنتخب الأول يبدأ من اختيار اللاعبين، فاللاعبون الذين تمت دعوتهم للمنتخب هم ذاتهم منذ سنوات دون أي إضافة جديدة، والحقيقة أن بعضهم انتهت صلاحيته وقد شاهدنا العديد من اللاعبين توقفوا في الشوط الثاني من مباراتنا مع ماليزيا بعد أن انهارت لياقتهم البدنية، في كل الأحوال أغلب الذين يدافعون عن ألوان المنتخب باتوا من كبار السن وقد تجاوزوا الثلاثين من العمر بسنوات، لذلك يبقى السؤال: أين البديل ولماذا لا نغامر بعدد من اللاعبين الذين أثبتوا موهبتهم وقدرتهم على تمثيل المنتخب أفضل من هؤلاء؟ وعلى سبيل المثال وجدنا أن محمد الحلاق أعطى إضافة جيدة وظهر المهاجم ياسين سامية بمستقبل مقبول وكذلك مصطفى جنيد، والمفترض أن يشجعنا هذا على إضافة المزيد من هؤلاء إلى المنتخب وخصوصاً في الخطوط الخلفية، فدفاعنا بات في وضع لا يحسد عليه وكل اللاعبين الذين يشغلون خط الدفاع والارتكاز لم يعد بإمكانهم أن يعطوا كرتنا ما يفيدها واستبدال هؤلاء المتعبين بلاعبين آخرين سيكون خيراً على منتخبنا إن لم يكن بالوقت الحالي ففي المستقبل القريب، وإذا افترضنا أن خط دفاعنا مع الصين أدى دوره على أكمل وجه فهل يوجد لدينا بديل بالمستوى ذاته على دكة البدلاء؟

الجواب سيكون بالنفي وقد تم تجريب العديد من اللاعبين في هذا الخط دون جدوى، وهذا يؤكد أننا بحاجة إلى منظومة عمل جديدة تعرف كيف تتعامل مع المهام الدفاعي لياقة وتنظيماً وفكراً، لذلك لا بد من العمل على هذا الأمر ضمن أنديتنا أولاً والبحث عن حلول عاجلة لتقوية خط الدفاع في المنتخب سواء باستقدام لاعبين محترفين متميزين من الخارج أو بأساليب وخطط جديدة وهذه من مهام الكادر الفني للمنتخب.

ودوماً السؤال الملح عن كيفية البحث عن اللاعبين السوريين المحترفين المغتربين في الخارج ومن هم الكشافون الذين يبحثون عنهم وكيف يتم التعامل مع هذه المسألة المهمة، فهل عجز اتحاد كرة القدم عن إيجاد لاعبين مناسبين بين عشرات اللاعبين المنتشرين في ملاعب أوروبا؟ وسمعنا أن المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر طلب خمسة لاعبين لم يتم استقدام أي لاعب مما طلب، فهل في الأمر سر يا ترى؟

كواليس كرة القدم باتت تفسر الأمر على وجهين اثنين لا ثالث لهما، أولهما أن القائمين على المنتخبات غير أكفاء بمهامهم ولا يعرفون كل اللاعبين ويختارون اللاعبين حسب الاسم والشهرة والمعرفة وغير قادرين على اكتشاف المواهب المحلية أو الخارجية، وثانيهما: هناك مصالح خاصة تتعلق بالتسويق والسمسرة بحيث من الصعب ابعاد بعض اللاعبين وخصوصاً الذين يملكون حظوة عن البعض وتربطهم بالبعض الآخر مصالح شخصية ضيقة.

وهذا الأمر يدفعنا للسؤال عن أولئك الذين يتولون شؤون المنتخبات الوطنية واللاعبين المحترفين ومدى خبرتهم في هذا الأمر ومدى الصلاحيات الممنوحة والإمكانيات الموضوعة تحت تصرفهم، فالعمل الإداري في المنتخبات الوطنية من تامين المستلزمات والفيز وحجوز شركات الطيران وما فيها من إجراءات أخرى كالفنادق والإطعام وما أبه ذلك، كل هذه الأعمال لا غبار عليها وتسير بشكل سلس دون معوقات أو عثرات والعاملون في هذا المجال اثبتوا كفاءتهم المهنية فيه، أما العمل الفني فهو يرسم العديد من إشارات الاستفهام وخارج الإداريين بلجنة المنتخبات الوطنية فإن هذه اللجنة تفتقر إلى الخبرات المطلوبة وإذا استثنينا المحاضر الآسيوي فجر إبراهيم فلا أظن أن بقية الأسماء (مع احترامنا لهم) قادرين على تقييم مدربي ولاعبي المنتخب أو ترشيح لاعبين جيدين أفضل من الموجودين.

من جهة أخرى علينا أن نتساءل عن الآلية التي يتم بها اختيار اللاعبين؟ هل تتم متابعة هؤلاء اللاعبين في أنديتهم؟ فعلى سبيل المثال بعض اللاعبين لم يشاركوا في مباراة منذ زمن بعيد وبعض اللاعبين المحترفين ليسوا أساسيين في فرقهم مع العلم أن أغلب لاعبينا يلعبون مع فرق من الدرجة الثانية في بلادهم، فإذا كان هذا اللاعب أو ذاك ليس اساسياً بفريق من الدرجة الثانية فكيف يكون أساسياً في المنتخب؟

لا نعتقد أن هناك من يتابع لاعبينا في أنديتهم الخارجية حتى الكادر الفني للمنتخب غير قادر على ذلك لأسباب عديدة، كذلك الأمر بالنسبة للاعبين المحترفين في أوروبا وأمريكا فهم غير متابعين في دورياتهم ومع فرقهم، ولو كانت المتابعة جيدة لوجدنا العديد من اللاعبين الجدد قد انضموا للمنتخب والعديد من اللاعبين قد أبعدوا عن المنتخب، وللأسف ليس لدينا كشافين ثقة ولكننا غارقون بين فكي سماسرة لهم مصلحة بالترويج لهذا وإبعاد ذاك كي تتحقق كل مصالحهم وبالنهاية فإن كرتنا خاسرة بامتياز.

تجارب كثيرة

من خلال المتابعة لمنتخبنا الوطني منذ انتخاب اتحاد كرة القدم وجدنا أنه مر بمراحل كثيرة من التجارب التي لم تكن ناجحة بالمطلق، ولعل البداية كانت من خلال الاعتماد على لاعبينا المحليين في الدوري دون الاستعانة بأي لاعب محترف بالخارج، وتم تكليف المدرب حسام السيد بقيادة هذا المنتخب وخاض سبع مباريات في الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الماضي وللأسف خسر المباريات السبع ولم يسجل فيها منتخبنا إلا هدفين ولم يقدم الأداء المنتظر وعمل السيد مع المنتخب في كل المباريات على تمتين الخط الخلفي بأكبرعدد من اللاعبين هروباً من الخسائر الثقيلة ولكن بالمقابل لم نشهد أي فاعلية هجومية أو أداء يرضي ذواقي كرة القدم، وفي النتائج فقد خسر منتخبنا أمام الأردن بهدفين دون مقابل وأمام العراق بهدف وأمام منتخب اللاعبين المحليين الجزائري بهدف وأمام بيلاروسيا بهدف وأمام فنزويلا بهدفين لهدف وامام عمان بهدف نظيف وبهدفين لهدف.

هذه الفترة تم تجربة العديد من اللاعبين المحليين وقد تجاوز عددهم الخمسين لاعباً، وفي المحصلة العامة فشلت التجربة لأنها دلّت على أن كرتنا لا يمكن أن تستغني عن لاعبيها المحترفين في الخارج، فتمت إقالة السيد رغم أن عقده لمدة سنة لكنه لم يصمد أكثر من أربعة أشهر.

في الشهر الثاني من العام الحالي تم الاتفاق مع المدرب الارجنتيني هيكتور كوبر ذائع الصيت على تدريب منتخبنا الوطني بعقد يمتد حتى نهاية التصفيات المونديالية وتم التوقيع مع كادره العربي والأجنبي ليكونوا مساعدين له وتمت إضافة المدرب الوطني غسان معتوق ليكون ضمن الكادر الفني، المدرب الأرجنتيني بدأ مع منتخبنا في الشهر الثالث ولعب عملياً خمس مباريات ودية ففاز في مباراتين على تايلاند 3/1 وعلى الصين 1/صفر وتعادل مع ماليزيا 2/2، وخسر أمام البحرين وفيتنام بهدف وحيد.

وفي المحصلة العامة لعب منتخبنا في عام كامل 12 مباراة فاز في مباراتين وتعادل في واحدة وخسر تسع مباريات، سجل لاعبونا ثمانية أهداف وتلقت شباكنا خمسة عشر هدفاً.