غرفة تجارة دمشق: الأسواق لم تهدأ رغم تحسن الليرة ومنصة التمويل لم تنته بعد
البعث – محمد العمر
على الرغم من استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، إلا أن الأسعار لم يتغيّر عليها شيء في الأسواق، ولم تنخفض أسعار المنتجات إلا على نحو محدود، وبنسب لا تتجاوز 5 أو 10% فقط. ويرى أصحاب الخبرة أن الأسعار تحتاج إلى فترة لا بأس بها للهبوط، تزامناً مع استمرار هدوء واستقرار سعر الصرف لفترة ليست بقصيرة، وخاصة مع النشرات المتغيّرة من المصرف المركزي بشكل شبه يومي، إضافة لقرارات ارتفاعات متعدّدة بالخدمات والمحروقات ما خلق نوعاً من الحيطة من قبل التّجار في تصريف بضائعهم، لتجنّب الوقوع بالخسارة.
عدد من تجار المفرق أكدوا أن الأسعار لم تنخفض بالشكل المطلوب، وبشكل عام انخفضت 5% فقط، ولم تصل إلى 20 أو 25%، حيث إن الانخفاضات لا تزال وهمية، وهي دون المستوى المطلوب، وخاصة للمواد المستوردة التي ما زالت مرتفعة كالأرز والسكر والقهوة والزيت والسردين والأعلاف وغيرها، حتى الموز الصومالي المستورد سعره لم ينخفض دون 40 ألف ليرة، في حين الموز البلدي 30 ألف ليرة أو أكثر قليلاً، كما أن المنظفات أيضاً، المادة المستهلكة بشكل يومي لدى العائلات، ما زالت مرتفعة كون المواد الداخلة فيها مستوردة.
وعن الرقابة التموينية أوضح بعض تجار أن مشكلة ارتفاع الأسعار في الأسواق أكبر من استطاعة وقدرة وزارة التموين وتوفر الكادر في ظلّ الظروف الحالية، وهي غير قادرة بالتالي على ضبط الأسعار، وهناك اختلاف بالأسعار بين منطقة وأخرى، وهذا يزيد الفوضى أكثر.
فوضى سعرية
عضو غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم اعتبر أن الأسواق لم تهدأ بعد لجهة ارتفاعات الأسعار على الرغم من انخفاض سعر الصرف، إذ أن الفوضى السعرية ما زالت سيدة الموقف جراء ارتفاع حوامل الطاقة المستمر، إضافة إلى موضوع ضعف الخطط الاقتصادية وانتهاج سياسات خاطئة في صنع القرار بعيدا عن التشاركية، ما أدّى بدوره لتراكمية في ارتفاع سعر الصرف، مبيناً أن موضوع تمويل المنصة لم ينته بعد، حيث هناك قلة من حيث عدد المستوردين نتيجة الآلية الجديدة في الدور التي وضعت كعائق أمام عملية الاستيراد، فضلاً عن الدورة الطويلة في رأس المال مرتين، أو ثلاث مرات في العام الواحد، ما جعل التاجر يخشى من النقص بمواده ومنتجاته، وهذا خلق نوعاً من الضعف بالأسواق من حيث توفر المواد، ما يضطر التاجر حينها لتحديد نسبة ربح أعلى، تخوفاً من التوجّه الاقتصادي، كي لا يتعرّض للخسارة لاحقاً، مشيراً إلى نقص المخازين في المواد الأساسية بالأسواق يجب ترميمها، وزيادة العرض فيها، حتى لا يلجأ البعض لتخزين المواد، أو يستغل بعض ضعاف النفوس من التجار قلتها لرفع أسعارها، وبالتالي هذا كله مردّه لعدم استقرار سعر الصرف.
الخبير الاقتصادي جورج خزام أرجع ما يحدث في السوق من فوضى أسعار إلى منصة تمويل المستوردات التي كانت سبباً بتراجع كمية البضائع والإنتاج والمواد الأولية المعروضة للبيع، مع ارتفاع في التكاليف والأسعار، وزيادة بالبطالة والكساد، بالإضافة لتشجيع الاحتكار لبعض المستوردين، ناهيك عن منع استيراد قائمة طويلة من المستوردات الضرورية بحجة تخفيض الطلب على الدولار، لتكون العاقبة حدوث تراجعات بالإنتاج وتصفية الكثير من المصالح التجارية والصناعية، بالإضافة لتنشيط التهريب، مشيراً إلى أن ارتفاع المحروقات أدى لزيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار البضائع والمنتجات بنسب كبيرة.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن هناك أخطاء شابت القرارات المتعلقة بالسياسات المالية حول سعر صرف الليرة، ومن هذه القرارات تقييد حرية سحب ونقل الأموال والتي عُدّت عاملاً في توقف الإيداعات بالبنوك والتحول للسوق السوداء، وشدد على دور المصرف المركزي في تهدئة الأسواق، كونه الكيان المالي الأكثر أهمية وموثوقية للدفاع عن الليرة السورية، والذي يعطي الأمان للتجار والصناعيين والثقة لأموال السوريين الموجودة لديه.