الأسعار تحلق بعيداً والفروقات تتضاعف بين محل وآخر!
دمشق – البعث
رغم حالة الطمأنينة التي تسعى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتعميمها من خلال تأكيدها على المتابعة الدقيقة لموضوع الأسعار وفرضها عقوبات صارمة بحق المخالفين، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك، وخاصة مع استمرار الحالة التصاعدية للأسعار، والاختلاف الكبير في الأسعار بين محل وآخر رغم أنها السلعة ذاتها، والتكلفة ذاتها، كما يفترض، فلماذا توجد فروقات كبيرة في أسعار سلعة ذات منشأ ومواصفات واحدة؟
الكثير من المواطنين يضطرون للسؤال عن سعر السلعة في أكثر من محل حتى يحظوا بالسعر الأرخص، خاصة وأن السمة الغالبة هي تذبذب الأسعار بين محل وآخر لا يبعد عنه سوى بضعة أمتار، وأكدوا أن هناك فروقاً تصل إلى أكثر من ألفي ليرة في السلعة الواحدة بين حل وآخر. وأشاروا إلى أن هناك تلاعباً واضحاً في الأسعار وطمعاً غير محدود من التجار، والرقابة على أسعار السلع الاستهلاكية غير موجودة، ما جعل كل تاجر يفرض الأسعار حسب هواه، كما أن سوق الألبسة ليس أفضل حالاً من سوق المواد الغذائية، بل أسوأ بكثير، حيث تتراوح الفروقات السعرية للقطعة الواحدة بالآلاف.
وبرأي جميع من التقتهم “البعث” خلال جولة لها، فإن الحلّ للتخلّص من جشع التجار أن تتدخل السورية للتجارة، وتقوم بدورها الإيجابي بشكل فاعل وحقيقي، ومن شأن ذلك أن يوحّد الأسعار ويسهل على المواطن شراء حاجاته جميعها من صالة واحدة.
من جهته، أشار نوار أبو ظاهر صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائية والخضراوات إلى أن ارتفاع أجور النقل انعكس بشكل مباشر على أسعار المواد بشتى أنواعها، خاصة وأنه لا يوجد عرض وطلب على جميع السلع الموجودة لديه. وبرأيه من الطبيعي أن تحافظ السلع التي ليس عليها طلب على سعرها المرتفع، دون أن يشعر بالحرج من قوله إن المستهلك بالنهاية هو من يدفع الضريبة من جيبه، محمّلاً مسؤولية تحديد الأسعار لتجار الجملة.
كما أشار في موضوع الخضار والفواكة تحديداً إلى أن العرض والطلب على المادة وتوفرها في السوق يلعب دوراً كبيراً بتحديد سعرها، وأن عمليات البيع في سوق الهال تجري عبر ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تبدأ عند فتح السوق في الساعة الثالثة صباحاً، حيث تكون الأسعار مرتفعة بسبب قلة المواد المتوفرة، فيما تبدأ المرحلة الثانية عند الساعة السابعة صباحاً لتنخفض الأسعار قليلاً وتصبح بمعدل المتوسطة بسبب ورود المواد تباعاً إلى السوق، أما المرحلة الثالثة فتبدأ في الساعة العاشرة صباحاً حيث تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ بعد أن يضطر التجار إلى المضاربة بالتخفيض لكي لا تتكدس المواد لديهم لليوم التالي.
وخلال مرافقة “البعث” إحدى دوريات التموين، أكد عناصر حماية المستهلك وجود فروقات سعرية بين المحال التجارية، حيث يتذرع الباعة بالتكاليف التي يتكبدونها كأجور نقل من سوق الهال إلى محالهم، وهناك أكثر من مصدر للمواد، إذ يقوم كلّ بائع بشراء ما يلزم لمحله من المصدر الذي يناسبه وبحسب المسافة التي يبعد فيها السوق عن محل البائع، تضاف أجرة النقل إلى أسعار الخضار والفواكة التي تباع في المحال.
الخبير الاقتصادي فادي حسون أكد اختلاف الأسعار بين محل تجاري وآخر، والمسافة بينهما أمتار معدودة، أو بين حيّ وآخر، عازياً هذا الاختلاف إلى عدة أسباب أهمها ارتفاع أسعار الإيجارات والتي بدورها تؤدي إلى تباين واضح في أسعار السلع، بالإضافة إلى أماكن وجود هذه المحال، سواء داخل أحياء المدينة أو في الأرياف، موضحاً أن المحال التجارية تعتمد على البيع اليومي، وبناءً عليه تحدّد الطريقة والسعر الأنسب للبيع، لافتاً إلى وجود بعض التجار الذين يحاولون الربح بشتى الطرق حتى لو كلفهم هذا بيع منتجات مقلدة على أنها أصلية وبأقل الأسعار عن باقي المحال التجارية الأخرى.
وشدّد حسون على أن الفروقات الكبيرة في أسعار السلع لا تدخل ضمن آلية المنافسة الحرة في السوق، وإنما هي استغلال ومغالاة غير مبررة يلجأ إليها بعض التجار لزيادة هامش الربح بصورة كبيرة بذريعة تذبذب سعر صرف الدولار أمام الليرة السوريّة من جهة والفروق الضريبية بين المناطق من جهة أخرى.