3 ـــ 1 =..؟
حسن النابلسي
أغلب الظن أن الغالبية العظمى من مجتمعنا – وعلى جميع المستويات – لم تسمع قط بـ “اللجنة الثقافية” في رئاسة مجلس الوزراء، ولعل من حالفه الحظ وتناهى إلى مسامعه هذا المصطلح لم يعرف مهامها وما ترمي إليه، اللهم باستثناء بعض المعنيين في الشأن القانوني والإداري. هذه اللجنة أحد ثلاث مكونات رئيسة تتبع للحكومة كانت مغيبة تماماً عن المشهد الإعلامي والثقافي والحكومي، عكس نظيرتيها (الاقتصادية والخدمات) اللتين كانتا حاضرتان بأغلب حكوماتنا المتعاقبة، لاعتبارات تتعلق بأهمية ما تقومان به من رسم للسياسة الاقتصادية وتحسين البنى التحتية وغير ذلك من القضايا ذات العلاقة بتحسين مستوى المعيشة الاجتماعية والاقتصادية.
وإذا ما عرفنا مهام وأهداف هذه اللجنة ندرك أنها لا تقل أهمية عن سابقتيها، حيث يفترض أن تضم في عضويتها – وفق مرسوم إحداثها – وزراء الإعلام، والتربية، والتعليم العالي، والثقافة، إلى جانب السياحة، على اعتبار أن سورية من أغنى دول العالم بالمواقع والأوابد التاريخية والحضارية، وتهتم هذه اللجنة بالدرجة الأولى بواقع البحث العلمي وتطوير المناهج الدراسية، وخلق حالة ثقافية وإعلامية حضارية، تؤمن جواً لتلاقي الأفكار المتباينة، وإيجاد المناخ المناسب للحوار ما بين التيارات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى الارتقاء بمنظومتنا الإعلامية بأطيافها كافة، لتنعكس بالتالي تنموياً على مفاصل حياتنا الاجتماعية والاقتصادية برمتها.
وهنا نتجرأ لنزعم أن غياب هذه اللجنة وعدم تفعيلها قد أحدث شرخاً كبيراً بين الوزارات المعنية وعدم التنسيق فيما بينها لرفع سوية منظومتنا الثقافية والتعليمية، وألحق ضرراً كبيراً بأجيالنا لجهة هجرة عدد كبير من أدمغتنا لدول العالم بحثاً عن مناخ فكري تبدع فيه ليس علمياً فحسب، بل اقتصادياً وثقافياً، والمتتبع للخارطة الإبداعية العالمية يجد أنها تحتوي أسماء عدد كبير من السوريين، الذين آثروا التوجه لدول أخرى تهيئ لهم كل مستلزمات الإبداع، ما يعني بالنتيجة ضرورة إعادة لجنتنا الثقافية للواجهة الحكومية وإعطائها الزخم والدعم الكافيين، أسوة بزميلتيها المعنيتين بالاقتصاد والخدمات، لأن هذه الثلاثية تشكل وحدة متكاملة تحدد توجهات السياسة العامة للدولة، والذراع الفاعل لسلطتنا التنفيذية.
hasanla@yahoo.com