اقتصادصحيفة البعث

إمكانات زراعية معطلة ومهملة..!

علي عبود 

قد تكون وزارة الزراعة تأخرت كثيراً في إطلاق مبادرة للتشجيع على زراعة الأشجار المثمرة في الحدائق المنزلية، لكن من المؤكد أن وزارة الصناعة مقصّرة جداً بزراعة الأراضي المهملة التابعة لشركاتها ومؤسساتها سواء بالأشجار المثمرة أم بالخضار. أما المقصّر الأكبر باستثمار الإمكانات الزراعية المهدورة والمعطلة، فهي وزارة الإدارة المحلية، لأن كلّ الضواحي السكنية فيها مساحات واسعة، سواء أكانت أراضي مقفرة أم حدائق عامة أو منزلية، وجميعها يمكن زراعتها وتأمين جزء كبير من حاجات سكانها من الخضار والفواكه أو النباتات العطرية التي يمكن تصديرها، والاستفادة من عوائدها الدولارية.

قلناها سابقاً، ونكرّرها مجدداً: المطلوب المبادرة لا تنفيذ التعليمات التي تأتي من رئاسة مجلس الوزراء! وبما أن وزارة الزراعة هي المسؤول عن وضع الخطط الزراعية وتنفيذها، فقد آن الأوان للاستفادة من تجارب دول متقدمة – كاليابان مثلاً – الرائدة في تحويل أسطح البنايات والأبراج في المدن إلى واحات خضراء، والأمر لا يحتاج إلى إمكانيات مادية وفنية كبيرة، وإنما إلى تنسيق مع وزارة الإدارة المحلية المشرفة من خلال دوائرها الخدمية على لجان الأبنية والأحياء.

وكمثال، فإن الضواحي السكنية الجديدة تضمّ مساحات كبيرة جداً من الحدائق والأراضي المقفرة، فلماذا لا تنسق دوائر الخدمات مع لجان الأبنية بإشراف مهندسين من مديريات الإرشاد الزراعي على زراعة الحدائق المنزلية، والجزء الأكبر من الحدائق العامة، بالأشجار المثمرة والخضراوات في هذه الضواحي، بالإضافة إلى استصلاح الأراضي المقفرة والمحجرة؟

وإذا كان العائق اعتراض أصحاب الطوابق الأرضية على تحويل حدائقهم إلى النفع العام، ولو كانوا المستفيدين الحصريين من هكذا مبادرات، فإن الحدائق في ضاحية الشام الجديدة، وخاصة التي تقع ضمن الأبنية المنزلية ليست ملكية خاصة للطوابق الأرضية، بل هي مرفق عام تديره وتشرف عليه لجان الأبنية، وهذا يعني أنه يمكن لوزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية زراعة أكثر من 40% من المساحة الإجمالية لضاحية الشام الجديدة بالأشجار المثمرة والخضراوات المتنوعة، وخاصة أن المياه اللازمة لإروائها متوفرة من شبكة آبار خاصة بالحدائق، أي ليست من شبكة المياه العامة.

إن مثل هذه المبادرة يمكنها تأمين نسبة كبيرة من الاكتفاء الذاتي لسكان الضاحية من الخضار والفواكه، ولا يحتاج الأمر سوى إلى مبادرة جدية من وزارتي الزراعة والإدارة المحلية.. فإلى متى التأخر في إطلاق مبادرات فعّالة تخفّف من وطأة الغلاء على الناس؟ وإذا كانت هناك صعوبات بإطلاق مبادرات تطال مناطق سكنية كبيرة، فإن الأمر مختلف بالنسبة لوزارة الصناعة، فهي الأكثر قدرة على تأمين الفواكه والخضار بالمجان لعمالها، فما من معمل إلا وتتبع له مساحات هائلة من الأراضي غير المستثمرة ،أي المهملة والمعطلة، وخاصة المعامل التي تقع في الريف أو في الضواحي، وبالتالي بإمكان نقابات العمال الإشراف على زراعة المساحات التابعة للشركات والمعامل الحكومية بالتنسيق مع وزارة الزراعة بكل أنواع الخضار والأشجار المثمرة.

الخلاصة: الضغوطات الاقتصادية على ملايين الأسر السورية لم تستفز أي وزارة حتى الآن لإطلاق مبادرات إنتاجية كفيلة بتأمين السلع الغذائية لعمالها مجاناً من خلال استثمار إمكاناتها المهملة والمعطلة.. وهذا يؤكد أن تحسين الأوضاع المعيشية للناس ليس، كما يُروّج إعلامياً، الشغل الشاغل للجهات الحكومية!!.