على وقع الشراكة السورية الصينية.. خلق البيئة الاستثمارية الجاذبة في مقدمة الأولويات
دمشق – ميس بركات
في وقت يحتاج اقتصادنا الوطني لتدفق مشاريع استثمارية حقيقية تأخذ بيده وتوقظه من غيبوبة استمرت أكثر من عشر سنوات، ينظر أهل الاختصاص بعين الشك لبدء مشاريع استثمارية محلية وخارجية لم تُبصر النور حتى اليوم، ويؤكد المعنيون بالموضوع وجود تحديات كثيرة تواجه الاستثمار اليوم في سورية، ولاسيّما لجهة تطوير قانون الاستثمار والتشريعات الضريبية والمالية بما يضمن مصلحة الدولة من جهة والمستثمر من جهة أخرى، مع ضرورة إزالة العقبات الروتينية من خلال تحديث القوانين الإدارية بما يضمن التنفيذ الصحيح للخريطة الاستثمارية، مع متابعة المشروع الاستثماري في جميع مراحله وعدم الاكتفاء بتشميل المشروع ورقياً فقط.
محمد الحلاق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق أكد في تصريح لـ”البعث” أن أي مستثمر يجري وراء الربح، فعندما نخلق ربحية للمستثمر سيكون هناك استثمار، لذا يجب أن تكون بيئة العمل جاذبة، وما يحصل اليوم أن وجود قانون الاستثمار مشجع، إلّا أن القانون رقم “8” يضع معوقات للاستثمار من خلال نصه لبيان كلفة وهوامش ربحية لا يستطيع أن يعمل المستثمر ضمنها، إذ يضطر المستثمر لتسجيل العامل بالحدّ الأدنى من الرواتب وإلّا سيدفع عليه أرقاماً كبيرة من أجل التأمينات الاجتماعية وضريبة رواتب وأجور، وهذا الأمر خاطئ إلّا أنه ثقافة مجتمعية كاملة، خاصة وأننا لا نستطيع تحميل العامل أي رسم من التأمينات الاجتماعية ولا نستطيع تحميله ضريبة الرواتب والأجور، وبالتالي يتحمّلها صاحب العمل، وهذا يخلق حالة تشوه بالكلفة وبالحسابات وتصبح المعادلة غير متكاملة.
الحلاق تحدث عن حاجتنا لإعادة تهيئة خطة العمل من البداية للنهاية ضمن خطوات مدروسة وتشريعات متناغمة ووزارات تعمل مع بعضها مع عدم وجود عقبات، فهذه التشاركية تعمل على بحثنا عن نقاط القوة، ولاسيّما أننا نمتلك مقومات تجعلنا من أكثر الدول ربحية لكننا بحاجة لإصلاح بعض النقاط الحساسة، فالمستثمر يحتاج أيضاً لعدم وجود معوقات بالقدرة على الحصول على القطع والاستيراد وغيرها من الأمور الأساسية لجذبه إلى بيئة عمل أساسها الأريحية والسلاسة، وهذا ما نفتقده اليوم.
بدوره تحدث الخبير الاقتصادي عامر شهدا عن عدم وجود بنى تحتية للاستثمار في ظل التضخم وتراجع الطلب، وعدم قدرة الدخل على الاستهلاك، وتذبذب سعر الصرف وهجرة اليد العاملة للخارج، وتقييد الاستيراد وعدم وجود انفتاح بالسياسة النقدية، فجميع هذه الصعوبات تعيق الاستثمار، وبالتالي من الاستحالة وجود استثمار في البلد ضمن هذه الظروف، وأشار شهدا إلى غياب التشجيع والتفاعل الحقيقي من قبل رجال الأعمال من أجل دخول استثمارات للبلد، فرجل العمل في سورية يفكر بمصالحه ويرفض المنافسة ولا يحبذ قدوم أي منافس له في السوق السورية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أهمية الإعلان رسمياً عن الشراكة الإستراتيجية بين الصين وسورية، وما لهذا الإعلان من مؤشرات كبيرة يجب قراءتها وإسقاطها على موضوع الاستثمار، فإذا لم يتمّ تغيير نمطية التفكير لدينا ستبقى الشراكة الإستراتيجية مع الصين ورقاً يتمّ حفظه في دفاتر التاريخ.
وتحدث شهدا عن أهمية لحظ التغيير العالمي الجديد والذي سنشهد فيه عدم وجود عقبات تقف أمام الاستثمار في سورية، فإجراءات العمل في المصارف العالمية والصينية سيتمّ إسقاطها على آليات عمل مصارفنا مثلاً، حيث سيطبق القانون العالمي اليوم في جميع الدول ومن ضمنها سورية، وبالتالي التشريع الضريبي الذي سيطبق على النظام العالمي الجديد سيطبق على سورية، إضافة إلى أن هناك أعرافاً عالمية جديدة تخصّ نظم التجارة العالمية وما يرتبط بها من استثمار ورسوم جمركية وضرائب وقوانين النقل والانتقال، وموضوع الشحن وعمليات الاستيراد، ستكون موحدة ضمن المنظومة التي تشكل الكتلة الاقتصادية في العالم.