مجلة البعث الأسبوعية

مؤشرات إنتاج موسم الحمضيات مبشّرة.. والتسويق غير جيد لغياب التصدير

البعث الأسبوعية – مروان حويجة

مع اقتراب عدة أصناف من محصول الحمضيات من ذروة نضج الثمار تباعاً، باتت العملية التسويقية وشيكة الوصول إلى مسارها المتسارع خلال أسابيع قليلة، ومعها تعود الهواجس التسويقية إلى المزارعين المنتجين، ومعهم المستهلكين هذا الموسم على نحو غير مسبوق ويعود ذلك إلى عدم تحقيق المواءمة الضرورية بين أسعار التسويق بالجملة وبين سعر المفرّق على حساب المستهلك الذي بات متعذراً عليه شراء كغ الحمضيات – المنتج محلياً – بعدة آلاف جراء عدم تحقيق التوازن السعري بين حلقتي الجملة والمفرًق، وحتى المزارع نفسه الذي يسوّق محصوله بسعر أفضل من السنوات الماضية، فإنّ ربحه لا يزال متواضعاً بالمقارنة مع ما يجنيه التاجر والوسيط وهذه الحلقة – يبدو أنها للأسف – لاتزال هي الأقوى.

ويؤكد عدد من المزارعين المنتجين والباعة والمستهلكين لهذا المحصول أنّ  محصول الحمضيات أحوج ما يكون إلى إعادة ضبط حلقات إنتاجه وتسويقه بشكل كامل ومتكامل، لاسيما أنّ الحلول باتت معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب، وتتكرر على مدى سنوات ومواسم، فيما يرى آخرون أنّ الإسراع بتعميم التعليمات التسويقية من بداية الموسم ضروري لأجل ألّا يلحق الغبن بالجزء المسوّق في بداية الموسم كما حصل في مواسم سابقة ولاسيما بالنسبة للأصناف مبكّرة النضج التي يتم تسويقها قبل اتضاح وتعميم أي جديد يخصّ التسويق من حيث السعر والدعم والمستلزمات والنقل وغيرها.

مؤشرات

وهناك منتجون لهم رأي مغاير فهم يعتقدون أنّ جميع الإجراءات والاحتياجات التسويقية معروفة ومثبتة في اللقاءات والاجتماعات وأية إضافة جديدة ذات أهمية يمكن البحث عنها وانتظارها باستثناء المؤشرات الإنتاجية للبناء عليها في حسابات  التسويق والتصريف بكل قنواته، وفيما عدا ذلك فإنّ المطالب والاحتياجات والإجراءات الواجب اتخاذها هي نفسها لن تتبدّل أو تتغير بين موسم وآخر، وبالتالي فإن التركيز على ما يمكن تطبيقه من الحلول المقترحة فيما مضى من جميع الجهات والمؤسسات والهيئات يفترض أن يكون أولوية تنفيذية من جميع الجهات المعنية بقطاع الحمضيات إنتاجاً وتسويقاً وتصديراً، واستثمار الفترة الفاصلة عن موعد نضوج المحصول لتنفيذ ما يمكن تنفيذه، وهذه الإجراءات ستكون حينها إجراءات استباقية وهي أجدى وأفضل بكل المقاييس من الإجراءات اللاحقة لموعد ذروة التسويق.

ارتفاع التكاليف

رئيس لجنة سوق الهال في اللاذقية معين الجهني يرى أنّ واقع تسويق محصول الحمضيات غير جيّد مع بداية الموسم عازياّ هذا الوضع إلى عدم وجود منافذ تصديرية، وكذلك الأمر بالنسبة للمعابر الحدودية، وعدم وجود طرق مفتوحة ونظراّ للارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج والنقل والتسويق وجميع الاحتياجات والحلقات التسويقية وهذه كلّها تنتظر الدعم، وأوضح أنّ عدة أصناف باتت في العملية التسويقية مع بداية الموسم منها: الأبو صرّة، كريفون، سانزوما، حامض ماير، وحامض أميركي، وكريفون دموي، وكالمنتينا فرنسي ولايزال سعرها متدنياً بحسابات التكلفة وأجور النقل والتسويق، وأشار الجهني إلى رفع عدة توصيات وحلول مقترحة في اجتماع موسّع عقد مؤخراً على مستوى المحافظة إلى الوزارات المعنية لأجل تقديم إجراءات وتسهيلات داعمة لتسويق المحصول كالمعابر، ودعم السيارات الشاحنة الناقلة الحمضيات وتزويدها بالمازوت المدعوم، وزيادة طاقة استجرار المؤسسة السورية للتجارة من محصول الحمضيات، والسماح بإعادة العبوات البلاستيكية، وإعادة السيارات الشاحنة الناقلة الحمضيات محمًلة من المقصد بحمولة في طريق العودة لأجل تغطية تكاليفها وتعويض نفقات رحلتها.

وبيّن الجهني أنّ الواقع الراهن للمحصول تفرضه الأولويات، إذا ما أدركنا أنّ هناك احتياجات أساسية يبحث عنها المستهلك في متطلباته المعيشية، وفي نفس الوقت فإنّ مزارع الحمضيات ليس لديه خيار آخر سوى هذا المحصول في معيشته، وهناك يأتي دور الجهات المعنية بقطاع الحمضيات لضمان المردود الذي يبحث عنه المزارع، وبالأخص أنّ خدمة الشجرة باتت مضاعفة التكاليف عدة مرّات، ويضطر المزارع لتأمين احتياجات العملية الإنتاجية من سماد وسقاية ومازوت وحراثة، وتعشيب وأجور يد عاملة وغيرها من تكاليف، ولفت إلى أنّ الحلّ الأنسب والأفضل يكمن في ضرورة فتح أسواق تصديرية، وهذا التصدير يمكن أن يتحقق لأن الإنتاج نوعي ونظيف، وكمياته تفوق بكثير حاجة السوق المحلية بمئات آلاف الأطنان، في حين تبلغ حاجة السوق المحليّة نحو ٢٠٠ ألف طن، ونأمل أن تأخذ حصيلة الاجتماعات واللقاءات طريقها إلى التطبيق المركزي والمحلي لأجل دعم السعر التسويقي، حيث يصل معدّل السعر الوسطي للكغ مابين ١٧٠٠ إلى ٢٠٠٠ ليرة للأصناف، وهذا المعدّل لايزال متواضعاً بالمقارنة مع تكلفة إنتاج الكغ الواحد من الحمضيات ١٣٠٠ ليرة، وإذا ما حسبنا أجور النقل والعبوة والعمولة واليد العاملة فإن هامش مردود الفلاح لايزال محدوداً وقليلاً، وهناك أيضاً فارق مع سعر البيع بالمفرق يصل إلى ٥٠ بالمائة تقريباً مقابل أجور نقل وتحميل وعمولة ويد عاملة وبالتالي يرتفع سعر المفرًق على حساب المستهلك، وهذا يمكن استخلاصه من مؤشرات التسويق في سوق الهال حيث تبلغ الأسعار حالياً: أبوصرة ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠٠، سانزوما ٢٠٠٠ إلى ٢٣٠٠ ليرة، الفرنسي ١٧٠٠ إلى ٢٣٠٠ ليرة، السانزوما العادية ٢٥٠٠ ليرة، حامض الماير ١٠٠٠ إلى ١٥٠٠ ليرة، الأميركي ٢٠٠٠ إلى ٢٥٠٠ ليرة، وهذه الأسعار يطرأ عليها ارتفاع كبير في سوق المفرّق لأنها تمرّ بعدة حلقات وسيطة في العملية التسويقية.

واقع الحمضيات

رئيس دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة اللاذقية  تحدث عن واقع محصول الحمضيات هذا الموسم في محافظة اللاذقية أوضح أنّ التقدير الأولي للحمضيات في محافظة اللاذقية يبلغ حوالي 663000 طن موزّعة على مجموعاتها الأساسية:  البرتقال  واليوسفي والحامض والكريفون بترتيب الإنتاج، وموزّعة على أربع مناطق إدارية أكبرها منطقة اللاذقية للإنتاج الذي يصل لأكثر من 370 ألف طن وبعدها القرداحة وجبلة والحفة، وتبلغ مساحة الحمضيات في اللاذقية حوالي  33000 هكتار  فيها 10217000شجرة، المثمر منها 9790000 شجرة، لافتاً  إلى أنّ محصول الحمضيات قد تحسّن هذا الموسم  مقارنة بالموسم الماضي، حيث أنّ الظروف جاءت مواتية هذا العام، ولكن ليس بالمستوى مطلوب من خلال تقديم الخدمات العادية من تسميد وتقليم وحراثات، إذ كان يمكن أن يتحسّن بشكل أفضل ولكن على العموم يعتبر جيداً هذا الموسم، علماً أنّ الحمضيات السورية تعتبر أجود انواع الحمضيات بالعالم لطبيعة المنطقة والمناخ والتربة.