مجلة البعث الأسبوعية

ما بعد حمص.. ما بعد بعد حلب ! ..

د. مهدي دخل الله

ما بعد حلب ليس كما قبل حلب.. مقولة ترددت كثيراً بعد تحرير جيشنا الباسل الشهباء عام 2016 . وما بعد حمص ، أي ما بعد بعد حلب ، ينبغي ألا يكون كما كانت الأوضاع عليه قبل حمص . فالصبر كان احتساباً فأصبح كفراً .  والتحمل كان قوة فأضحى ضعفاً . والصمت كان التزاماً فصار بكماً ..

كان المدنيون يقتلون في الحروب اضطراراً بسبب وجود قوات مسلحة بينهم ، وهو أمر مؤلم ، لكن أن يُقتل المدنيون ، أطفالاً ونساءً ورجالاً ، مع سابق إصرار وترصد فهذا إرهاب لا مثيل له ، فاق في وحشيته جميع أنواع الإرهاب التي عرفتها الصراعات . هو ليس جريمة ضد سورية والسوريين فحسب وإنما جريمة ضد الإنسان والإنسانية جمعاء ..

يبدو أن وقت حرب التحرير الشعبية أصبح على الأبواب . الدولة بجميع مؤسساتها لديها التزامات وعلاقات واعتبارات ، وهذا أمر طبيعي ، لكن الشعب أمامه الخيارات كلها مفتوحة دونما حدود . الدولة الوطنية تنظم وتدعم وتمول حرب التحرير الشعبية ، والجيش النظامي يقدم الدعم اللوجستي وغيره ، لكن المتطوعين من أبناء الشعب هم القوة الضاربة في تحرير الأرض خاصة في حالة الحروب التي تسمى ( حروب عصابات ) .

تقدم تجربة فييتنام مثالاً مهماً وكذلك تجربة الجزائر . لكن التجربة الطليعية الأولى كانت سوريةً بامتياز أيام حرب التحرير الشعبية ضد فرنسا في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين . لكن ما يميز التجربة الفيتنامية وجود جيش وطني داعم ودولة وطنية داعمة ، جيش ودولة فييتنام الشمالية التي دعمت قوات التحرير الشعبية ( الفييتكونغ ) وصولاً إلى تحرير سايغون واستعادة وحدة البلاد .

الحالة السورية ضد الاستعمار الفرنسي وكذلك الحالة الجزائرية لم تتمتع بهذه الميزة . اليوم أوضاعنا في سورية تشبه أوضاع فييتنام بوجود جيش ودولة وطنية قوية وملتزمة التزاماً مطلقاً بمواجهة الإرهاب والاحتلال .

حرب التحرير الشعبية ، أو المقاومة الشعبية المسلحة ، تتطلب ظروفاً وشروطاً يبدو أن الحالة السورية اليوم مستعدة لها . خاصة أن لدينا دولة متمكنة وجيشاً أصبحت بسالته وتدبره وتعامله مع مختلف الحالات مثالاً متميزاً ويكاد يكون فريداً .

لابد من فتح باب التطوع أمام الشعب على مصراعيه وتشجيعه بتعويضات مادية مجزية للمقاومين . الحصول على الدعم المادي اللازم يتم عبر رسم ( طابع ) حرب التحرير الشعبية يوضع على كل فاتورة مطعم أو استهلاك ترفيهي . ويمكن ايضاً وضع رسم على السيارات الفارهة تصاعدياً حسب سعة محركها، وعلى بطاقات المسافرين داخل وخارج الوطن . ومن الواضح أن جميع هذه الرسوم تطال الموسرين فقط من أبناء الشعب رواد المطاعم والمقاهي والملاهي ومالكي السيارات الفارهة . ولا شك في أن هناك مطارح أخرى للرسوم لا تطال الفئات ذات الدخل الضعيف والمحدود . المهم إيجاد مداخيل مجزية للمقاومين ..

mahdidakhlala@gmail.com