أخبارصحيفة البعث

“رمتني بدائها وانسلّت”

تقرير إخباري    

مَن هي الحيوانات البشرية؟.. سؤالٌ ينبغي على قادة الاحتلال الصهيوني الإجابة عليه، لأنهم يدركون جيّداً أن هذا النمط من البشر تمّت صناعته بالفعل في أوروبا بالتواطؤ بين الصهيونية العالمية التي كانت تسعى لتهجير اليهود من شتّى بقاع العالم واستخدامهم وقوداً لمحرقة في فلسطين المحتلة، والنازية التي تمّ دعمها بقوة للسيطرة على أوروبا الشرقية بأكملها وجعلها أداة لإجبار اليهود على مغادرة أوروبا التي كانت مستاءة أصلاً من سيطرة اليهود فيها على الفعاليات الاقتصادية والتجارية وأسواق المال والذهب، حيث توافق الغرب الجماعي مع النازية على صناعة ما يسمّى “المحرقة” وتضخيم الأمر إعلامياً للوصول إلى دفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وقد أشرفت العصابات النازية على هذه العملية منذ البداية بتخطيط صهيوني، وكانت السفن الألمانية قبيل الحرب العالمية الثانية تنقل المهاجرين اليهود إلى ميناء حيفا بالاتفاق مع بريطانيا.

وعندما تم الاستيلاء على الأرض التاريخية للشعب الفلسطيني عام 1948، قامت عصابات “الهاجاناه” و”الأرغون” و”اشتيرن” و”البالماخ” الصهيونية، بممارسة سياسة الإبعاد والتهجير والترحيل الجماعي والفردي التي مهّد لها عدد كبير من المفكّرين والسياسيين الصهاينة من خلال كتاباتهم وآرائهم منذ بدء نشاطات الحركة الصهيونية في مطلع القرن العشرين؛ حيث وجدت هذه العصابات فرصتها لطرد وتشريد الفلسطينيين من خلال ارتكابها سلسلة من المجازر وهدم القرى الفلسطينية، لتشرّد نحو 750 ألف فلسطيني عن مدنهم وبلداتهم وقراهم إلى مخيمات اللجوء، منتهكة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.

هذه السياسة التي استمرّت بها سلطات الاحتلال تاريخياً، وفي أعقاب عام 1967، واحتلالها ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، حيث أبعدت الآلاف من المواطنين الفلسطينيين، لتواصل بعد ذلك عمليات إبعاد النشطاء السياسيين من كل التنظيمات الفلسطينية خارج وطنهم، كوسيلة من وسائل العقاب لهم ولأقربائهم وذويهم، ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تحرّم ذلك، وكل ذلك بمباركة ممّا تسمّى (المحكمة الإسرائيلية العليا) التي حلّت محل هذه العصابات، في محاولة لإضفاء الصفة الشرعية القضائية والقانونية على جرائم الاحتلال.

من أجل ذلك، نُصبت لافتاتٌ إشهارية ضخمة في شوارع العاصمة التونسية تعبّر عن دعم تونس وشعبها للقضية الفلسطينية، مظهرة معاناة الشعب الفلسطيني طوال عقود من الاحتلال الإسرائيلي مع سؤال عاجل: مَن هم الحيوانات البشرية؟.

فوزير الحرب الإسرائيلي يؤاف غالانت ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، بعد هذا التاريخ من الوحشية والدموية والإجرام الذي نشأ عليه كيانهما بأكمله لا يحق لهما أن يتحدّثا عن “حيواناتٍ بشرية” في أيّ مكان من العالم، لأن هذه الحيوانات التي خرّجها الاحتلال عبر تاريخه هي الملهم الوحيد لجميع العصابات الإجرامية في العالم، وقد استلهمت “داعش” وغيرها منها جميع الجرائم والمجازر التي ارتكبتها، ولا يمكن أن تُنسي هذه المنظمات مهما تمادت في إجرامها صورة الجرائم الصهيونية بحق شعوب المنطقة كلّها من دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا فغزّة.

طلال ياسر الزعبي