ماذا خلف الاهتمام المفاجئ بقضية الشرق الأوسط ؟ (1)
د. مهدي دخل الله
لعل ما يحصل في غزة حدث جديد ، أقله في نظر العالم والقانون الدولي ( قرارات الأمم المتحدة ). فلأول مرة تكون المقاومة في حالة هجوم نوعي ، ذلك لأنه في حرب تشرين 73 كان هدف الهجوم العربي أرضاً مصرية وسورية محتلة . أما الحدث الأخير فهو هجوم في أرض فلسطينية ( ما يسمى بفلسطين 48 ) . وعلى ما يبدو لم تعد قضية الشرق الأوسط منسية دولياً.
دائًما كنت أطرح على نفسي سؤالاً محيراً : ما دام السوفييت والأمريكان قد اتفقوا عام 1956 على طرد الانكليز والفرنسيين والصهاينة من قناة السويس ، فلماذا لم يتفقوا على حل الصراع العربي الإسرائيلي حلاً كاملاً عام 1967 أو 1973 أو 1982 ؟..
الاتفاق على تحرير القناة من الاستعمار القديم جاء بعد ان أممها عبد الناصر وقاوم المصريون العدوان الثلاثي . المبادرة إذاً كانت بيد مصر . أما الثنائي السوفييتي ـــــ الأمريكي (خروتشوف وآيزنهاور) فقد اتفقا ضد الأوروبيين والصهاينة ، لكن كان لكل منهما هدف يختلف عن الآخر . كان هدف الأمريكيين جلب عبد الناصر الى ساحة هيمنتهم وهو المعروف بعدائه للإيديولوجية الشيوعية . وكان هدف السوفييت توسيع دائرة حركة التحرر العالمية لتشمل مصر ، باب إفريقيا والعالم العربي ..
اليوم يبدو أن ما يسمى بـ “بقضية الشرق الأوسط” أضحت مشكلة مهمة عالمياً ، ولم يعد من الممكن لأمريكا وروسيا معاً إبقاؤها في حاله الستاتيكو . لعلها القضية الثانية فوراً بعد قضية الصراع في أوراسيا ، وحلها يندرج في اطار التحولات النوعيه باتجاه النظام العالمي الجديد .
ومن الواضح أن العلاقات الامريكيه الروسية اليوم في أسوأ أحوالها ، لكن هذا لا يمنع أن للطرفين مصلحة أساسية في ايجاد حلٍ للصراع العربي الاسرائيلي (عملياً هو صراع بين سورية ولبنان وفلسطين من جهة ، وإسرائيل من جهة اخرى) . وفي هذا الإطار فإن ما يحصل في غزة ، وقبله في سورية ولبنان ، يؤكد أن الجانب العربي ، متمثلاً في المقاومة ، ما زال محافظاً على حضوره القوي ورافضاً أن يكون الحل على حسابه .
وعلى الرغم من أن المسألة الأوراسية تعيق أي تفاهم بين الروس والأمريكيين ، إلا أن هناك عاملين ضاغطين باتجاه الحفاظ على إسرائيل من الجانب الأمريكي ، وموقف روسيا الداعم للجانب الفلسطيني ــ السوري ـــ اللبناني وللقانون الدولي ومبدأ الاستقلال وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ..
العامل الأول هو هذا الفعل التاريخي الكبير الذي تقوم به المقاومة الفلسطينية ، مضافاً الى ما قامت به المقاومة في جنوب لبنان وتصدي سورية الكبير . العامل الثاني هو المشاريع الجيواستراتيجية النوعية التي تشمل المنطقة العربية ، خاصة فلسطين وسورية ولبنان ودول الخليج، ناهيك عن قناة السويس وباب المندب.. وللحديث بقية ..
mahdidakhlala@gmail.com