التربية والهوية الوطنية
في ظل العولمة والرقمنة التي أصبحت تكتسح العالم، بات من الواضح أن الهوية الوطنية تواجه تحديات كبيرة تتطلّب من الجميع مواجهتها، ولأن التربية تًعدّ من أهم العوامل الرئيسية التي تسهم في تشكيل وتعزيز الهوية الوطنية باعتبارها تعمل على نقل القيم والمبادئ الوطنية والثقافة التاريخية والتراث للأجيال الجديدة وتشجع على المشاركة الفعالة في بناء المجتمع عُقِدت ندوة حوارية في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة تحت عنوان “التربية وتكوين الشخصية الوطنية” سلّط فيها د. محمد عامر مارديني وزير التربية الضوء على أهم العوامل الأساسية التي تسهم في بناء الشخصية الوطنية لدى الطلاب الذين يعدّون اللبنة الأساسية في الحفاظ على هوية وطنهم وتقدمه، مبيناً فيها أن الهوية الوطنية هي مجموعة الخصائص التي يشترك فيها شعب ينتمي لوطن واحد وتميّزه عن غيره من شعوب العالم، وتتمثل في اللغة والقيم والعادات والتقاليد والمصالح المشتركة والرموز الوطنية، وأن المواطن الحقيقي يشعر بالرضا عن كلّ ما هو إيجابي لوطنه ويستاء من كل ما يضرّ بمصلحته، مؤكداً أن تعزيز الهوية الوطنية يساهم في بناء مجتمع قويّ ومترابط، ويعزّز الحب والاحترام لقيمه وذلك من خلال تأكيد المواطنين على هويتهم الوطنية بمواقف حياتية يومية مثل: دعم العملة الوطنية والحفاظ على التراث الوطني، إضافةً إلى المشاركة في العملية السياسية كالانتخابات والتنمية المجتمعية والأعمال التطوعية والحفاظ على موارد البلد البيئية والثقافية والحضارية.
تعزيز الانتماء الوطني
وأوضح د. مارديني كوزير للتربية أن نظام التعليم يقوم بدور مهمّ في تعزيز الهوية الوطنية من خلال المناهج الدراسية التي تساهم عبر المفاهيم والمعلومات التاريخية والثقافية الوطنية في تحفيز الطلاب على فهم وتقدير تاريخ بلدهم وتراثه والشخصيات المهمة والأحداث التي ساهمت في بناء الوطن، الأمر الذي يعزّز الانتماء الوطني عبر المعلمين الذين يؤدّون دوراً مهماً في تعزيز الهوية الوطنية لدى طلابهم كنموذج للقيم والسلوكيات، والذين يجب أن يكون لديهم فهم عميق للثقافة والتاريخ الوطني، وأن يكونوا قادرين على نقل المعرفة بشكل إيجابي من خلال تشجيع النقاش والتفكير النقدي حول القضايا ذات الصلة بالوطن، وتعزيز قيم التعاون والاحترام بين الطلاب، منوهاً كذلك بأهمية الأنشطة الصفية واللاصفية في تعزيز الهوية الوطنية من خلال تنظيم الأنشطة والفعاليات التي تعكس التراث والثقافة الوطنية مثل تنظيم مسابقات ثقافية وفنية، وعروض تعكس التراث المحلي وتنظيم زيارات إلى المواقع التاريخية والثقافية المهمة، وتشجيع المشاركة الطلابية في العمل التطوعي وتشجيع البحث والاستكشاف، ولم يخفِ د. مارديني أن هناك تحديات كثيرة تواجه السعي لتعزيز الهوية والانتماء الوطني من خلال التربية، ويأتي في مقدمتها الحاجة إلى تطوير نظم التعليم وتدريب المعلمين ودور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الأفكار السلبية وتكوين آراء واتجاهات تؤثر على بناء المجتمع، ودور الأزمات السياسية التي توثر على استقرار المجتمع وتطوره وتماسكه، إضافة إلى الفقر والبطالة، وهي تحديات تؤثر على المجتمع وقدرته على تحقيق أهدافه.
وختم د. مارديني كلامه بالتأكيد على دور المجتمع المحلي في تكريس مفهوم الهوية والانتماء الوطني من خلال مؤازرته لكلّ المؤسسات الحكومية للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة.
محاربة الغزو الثقافي
وأشار الشاعر والإعلامي محمد خالد الخضر الذي أدار الحوار إلى دور التربية المهمّ في زرع الانتماء الوطني والحفاظ على الهوية بين الطلاب، وضرورة أن يدركوا أنهم مستهدفون من خلال الغزو الثقافي الذي يتعرّضون له، لافتاً إلى وجوب تكثيف الجهود من مختلف المؤسسات التربوية والثقافية لحماية عقول الجيل من الغزو الذي يستهدفهم، مبيناً أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة من الندوات التي يحرص على عقدها شهرياً في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة بهدف محاربة الغزو الثقافي وتعزيز الهوية والانتماء الوطني.
أمينة عباس