هل أدرك العرب حقيقة الغرب بعد “الطوفان”؟
تقرير إخباري:
ما إن شاهد العالم النتائج الأولية لعملية “طوفان الأقصى” البطولية عبر وكالات الأنباء، والطريقة التي تمّ بها تمريغ أنف قادة الكيان الصهيوني بالتراب، بعد سنوات طويلة من تبجّحهم بأن لهم اليد الطولى في المنطقة، وأنهم قادرون على الاستمرار في تحويل حياة الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر إلى جحيم، إذا قرّروا الخروج عن صمتهم إزاء الحصار الخانق الذي يمارسه عليهم هناك، حتى تقاطر الزعماء الغربيون إلى الكيان لإبداء دعمهم غير المحدود لـ”إسرائيل” في عدوانها الهمجي على سكان غزة المدنيين، ووقوفهم الكامل مع قادة الكيان في كل ما يلجؤون إليه لمعاقبة سكان القطاع، بل تبنّي الرواية الإسرائيلية فيما يتعلّق بالمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة، وخاصة مجزرة مشفى المعمداني، حيث سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تبنّي الرواية الصهيونية واتهم المقاومة الفلسطينية بارتكاب المجزرة، في مشهد يثير السخرية، وخاصة أن جميع الأدلّة والقرائن تؤكّد أن المشفى تم استهدافها بصاروخ موجّه أمريكي الصنع ويملك قوة تدميرية عالية لا تملكها المقاومة في صواريخها.
وزار بايدن وقبله وزير خارجيّته أنتوني بلينكن ووزير دفاعه لويد أوستن، الكيان الصهيوني للتعبير عن وقوفهم الكامل خلف “إسرائيل”، كما فعل عدد من القادة الغربيين، ومنهم ريشي سوناك رئيس الحكومة البريطانية، وإيمانويل ماكرون رئيس فرنسا، وعبّرت ألمانيا كذلك عن دعمها الكامل للصهاينة في عدوانهم على غزة، بمعنى أن الغرب الجماعي بكل تفاصيله حضر لتأييد “إسرائيل” في ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، الأمر الذي أثار صدمة كبيرة لدى كثير من دول المنطقة التي كانت تعتقد حتى وقت قريب أن لها حظوة عند هذه الدول، وأنها تستطيع إلزام الغرب باتخاذ موقف متوازن من القضية الفلسطينية برمّتها.
كل ذلك بالإضافة إلى حضور الرئيس الأمريكي مجلس الحرب والمشاركة في التخطيط لضرب غزة، والاستعداد الكامل لإمداد الكيان الصهيوني بالمساعدات المادية والاستخبارية والعسكرية وإرسال حاملة الطائرات الأمريكية إلى شرق المتوسط، يعدّ ربّما خروجاً عن المألوف فيما يخصّ التعاطي مع هذه القضية، حيث اعتدنا أن نشاهد مواربة غربية في ذلك، أما الآن فقد ظهر الغرب على حقيقته بشكل سافر، وأكّد أنه يقف بالكامل خلف هذا الكيان حتى لو تأثّرت مصالحه مباشرة بهذا الموقف، وهذا يشير من جهة ثانية إلى عدم اكتراثه بما قد يثيره هذا الموقف من ردود فعل في المنطقة، إن لم نقل إن هناك قناعة تامة بأن حلفاء الغرب من العرب لن يجرؤوا مطلقاً على اتخاذ موقف من هذا الدعم غير المحدود لارتكاب المجازر في غزة، وهذا بحدّ ذاته يعدّ مشاركة غير مباشرة في حرب الإبادة التي تشنّها “إسرائيل” على أهالي القطاع المحاصر.
الغرب انكشف بشكل كامل في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” فلم تعدْ جميع الشعارات حول الحريات وحقوق الإنسان تظهر على لسان قادته، وهو الذي كان يتبجّح دائماً في “الدفاع” عنها، فهل بلغ القلق الغربي على وريث النازية في العالم حدّاً جعل الدول الاستعمارية تظهر عارية في الدفاع عن طفلها المدلّل، وخاصة بعد اهتزاز صورة الكيان المحتل الذي راح يصرخ من شدّة الصدمة والتخبّط اللذين سيطرا على جميع مفاصله، فلم يجد مفرّاً من تفريغ جام حقده على النساء والأطفال بعد عجزه عن مواجهة المقاومين في الميدان، وبالتالي عمل الغرب على توفير الدعاية الكاذبة لهذا الكيان لإظهاره في حالة الدفاع عن النفس وهو الذي يمارس شتى أنواع العقاب الجماعي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل منذ أكثر من 75 عاماً، ويمتهن سياسة الفصل العنصري وارتكاب المجازر ضدّه ويمنعه من أبسط حقوقه الإنسانية والقانونية، مقابل منع جميع وسائل الإعلام من نقل المجازر التي يرتكبها الاحتلال في القطاع المحاصر، والتضييق حتى على الرياضيين لمنعهم من إبداء التضامن مع الشعب الفلسطيني.
يبدو أن ورقة التوت سقطت سقوطاً مدوّيّاً عن جسد الغرب، فكيف سيكون التعاطي العربي مع هذا السقوط؟ هل سنبقى في انتظار عدالة الغرب؟.