أخبارصحيفة البعث

لا مقاربة بين غزة وأوكرانيا!

تقرير إخباري

عند إجراء تحليل بين الحرب على غزة والحرب الأوكرانية، من حيث نقاط الاختلاف والتشابه، يشير المراقبون إلى أنها مقاربة غير صحيحة، لأن المتغير الرئيسي هو الضحايا الفلسطينيين، ذلك أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم يجعل من الصعب إخفاء ما يحدث على الأرض في كلتا الحربين، فمنذ بداية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، تعاونت أجهزة المخابرات الغربية مع نظام كييف لنشر روايات تصور روسيا على أنها تنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان،ولكن لم ير العالم قط طوفاناً من الصور ومقاطع الفيديو كتلك التي تخرج من غزة وتظهر فيها “جثث الأطفال والنساء والشيوخ المشوهة”، من الجانب الإسرائيلي.

لو كانت روسيا قد تسببت بالفعل في سقوط أعداد هائلة من الضحايا المدنيين، لكانت انتشرت الصور ومقاطع الفيديو في جميع أنحاء الإنترنت. وعندما اتهمت أوكرانيا والغرب روسيا بقصف مستشفى للولادة في ماريوبول كان ممتلئاً بالنساء الحوامل، أثبتت المعلومات اللاحقة أنه تم إجلاء الأمهات الحوامل من هذا المستشفى قبل وقت طويل من الضربة الروسية، وأن مقاتلي كتيبة آزوف هم من كانوا داخل المشفى.

الوضع مختلف جذرياً في قطاع غزة، حيث يشهد العالم تسونامي حقيقي من الصور ومقاطع الفيديو للمدنيين القتلى والجرحى الإسرائيليين، بينما لا يجد المرء نفس الصور ومقاطع الفيديو للضحايا والجرحى الفلسطينيين. وعند مقارنة الضحايا المدنيين في غزة مع الضحايا المدنيين في أوكرانيا منذ عام 2014، فإن ما يحدث في غزة أمر مروع، فقد استهدف الكيان الإسرائيلي المحتل في غضون أسبوعين المئات من المدنيين، عددهم يفوق عدد الضحايا الذين سقطوا على أيدي القوات الأوكرانية في دونباس خلال سبع سنوات.

وهذا ليس هو الحال بالنسبة للفلسطينيين ودول العالم خارج المدار الغربي، الذين ينتبهون ويحتجون في الشوارع وعبر القنوات الدبلوماسية، ففي أعقاب هجمات المقاومة الفلسطينية على “إسرائيل” في السابع من تشرين الأول، برز سريعاً التعاطف والغضب الغربي إزاء مقتل مدنيين إسرائيليين. ولكن منذ 10 تشرين الأول، تحول مؤشر التعاطف بشكل كبير إلى الشعب الفلسطيني، وبالتالي، ويبدو أن الكيان المحتل لا يدرك أنه يخسر معركة العلاقات العامة بشدة. فهذا الكيان لا يظهر أي مؤشرات على التراجع عن إستراتيجيته الحالية، حيث طلب مطلع الأسبوع الجاري، إخلاء مستشفى القدس، في إشارة واضحة إلى أنه ينوي ضرب المنشأة، وإذا نفذ تهديده، فمن المرجح أن يضاف مئات المدنيين الفلسطينيين إلى القائمة المتزايدة من الضحايا،   ما من شأنه إثارة غضب الشارع أكثر، فمجرد قصف منشأة تسمى القدس سوف ينظر إليه العرب باعتباره هجوماً مجازياً على المسجد الأقصى في القدس.

وهكذا تمضي الأمور على الطريق نحو تصعيد مميت قد يمتد إلى ما وراء حدود قطاع غزة، ويمكن أن تخرج هذه الحرب عن نطاق السيطرة، وربما يكون العالم على حافة كارثة على نطاق أوسع وأكثر فتكاً.

هيفاء علي