واشنطن تختار جانبها المظلم
عائدة أسعد
أعلنت وزارة التجارة الأمريكية عن مجموعة من القواعد الجديدة في محاولة لسدّ الثغرات في القيود الحالية على رقائق الكمبيوتر المتقدمة، ومعدات صنع الرقائق التي أطلقتها العام الماضي.
وبالإضافة إلى منع وصول الشركات الصينية إلى شرائح متقدمة محدّدة من صانعي الرقائق الأمريكيين، تمّ إدراج اثنين من مصمّمي الرقائق الصينيين، وهما “موور ثريد، وبايرن تيكنولوجي” في القائمة السوداء، وتمّ توسيع متطلبات الترخيص لصادرات الرقائق والمعدات المتقدمة إلى عشرات الدول الأخرى التي يُزعم أنها تمثل مخاطر التحويل إلى الصين، والهدف من ذلك بكل تأكيد هو إبعاد الصين عن التكنولوجيا المتطورة في صناعة أشباه الموصلات.
ولا يزال العذر، كما كانت الحال منذ أيام دونالد ترامب، هو الصيغة الشاملة للأمن القومي، بالإضافة إلى حقوق الإنسان، وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو: “الهدف هو الهدف نفسه الذي كان دائماً، وهو الحدّ من وصول الصين إلى أشباه الموصلات المتقدمة التي يمكن أن تغذي الاختراقات في مجال الذكاء الاصطناعي”.
إن قدرات الذكاء الاصطناعي المدعومة بالحوسبة الفائقة والرقائق المتقدمة لها تطبيقات عسكرية واسعة النطاق، وحسب رايموندو فإن ضوابط التصدير الأكثر صرامة تهدف إلى السيطرة على مثل هذه التكنولوجيا التحويلية على الرغم من أن التباطؤ في القدرة الصينية حول الذكاء الاصطناعي عالي المستوى يمكن أن يكون له فوائد مجتمعية ويُستخدم في الخير كما اعترفت إدارة جو بايدن.
وبغضّ النظر عن كل شيء آخر، فمن الواضح أن حكومة الولايات المتحدة تستفيد بشكل كامل من هيمنتها على التكنولوجيات الجديدة والناشئة للحفاظ على اليد العليا فيما تعتبره منافسة حاسمة مع الصين، كما أن تحركاتها المستمرة لحرمان الصين من الوصول إلى التكنولوجيات والمعدات الأمريكية ليست سوى جزء من محاولتها قمع التقدم التكنولوجي الصيني، وخاصة في مجال أشباه الموصلات، وتخدم هذه المحاولة الغرض الاستراتيجي المتمثل في الفوز بالمنافسة الإستراتيجية مع الصين.
إن إدارة جو بايدن لم تتوقف قط عن التأكيد على أنها لا تنوي خنق الاقتصاد الصيني، ولكن يبدو أنها مستعدة للقيام بكل ما يلزم لتحقيق ذلك وكانت وزارتا التجارة والخارجية الصينيتان على حق في الإشارة إلى أن الشركات الأمريكية وغيرها من الشركات الغربية كانت أيضاً من بين الضحايا المباشرين للإجراءات الأخيرة.
وقد ذكرت رابطة صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، والتي لا تزال تعمل على تقييم التأثير أن الضوابط الأحادية واسعة النطاق بشكل مفرط تهدّد بإلحاق الضرر بالنظام البيئي لأشباه الموصلات في الولايات المتحدة دون تعزيز الأمن القومي. وفي حين أن السرد الملفق بشأن الأمن القومي وحقوق الإنسان قد ينجح لبعض الوقت، لكن استخدامه المسيء سيضرّ كلا البلدين، وسيعيق التقدم التكنولوجي العالمي في النهاية.
إن العالم يدرك الإمكانات الهائلة التي تنطوي عليها التكنولوجيات الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لتحسين سبل عيش الناس، أما السياسيون الأمريكيون الذين يتهمون بكين دائماً باستخدامها لتحقيق أهداف شريرة فوحدهم من اختاروا الخوض في الجانب المظلم.