البطاطا ترتفع إلى 7 آلاف ليرة.. والصالات لا توفر إلا 15 طناً يومياً
دمشق – محمد العمر
ارتفاع سعر مادة البطاطا في الأسواق المحلية اليوم إلى 7 آلاف ليرة سورية أو أكثر، يطرح تساؤلات عديدة عن مدى قدرة المواطن على شراء هذه المادة الرئيسية والمستهلكة يومياً بهذا السعر، في ظل قدرة شرائية متدنية، ناهيك عن زوبعة الأسعار وفوضى البيع بين بائع وآخر واختلاط البطاطا الحلوة بالمالحة، حتى أن تدخل السورية للتجارة بطرحها للمادة بسعر 3500 ليرة لم يجدِ نفعاً إلى الآن، حيث لم يؤثر ذلك على توفر المادة بصالاتها بالشكل المطلوب، ولم تساهم حتى -حسب قول بائعي خضار مفرق- بانخفاضها.
يؤكد التّجار في سوق الهال ممن التقتهم “البعث” أن إيقاف تصدير البطاطا المؤقت لم يؤثر شيئاً على السعر، حيث إن إيقاف التصدير لمدة ٢٠ يوماً لا يكفي لسدّ حاجة السوق، إذ لا زال توريدها قليلاً جداً، وبالكاد سيارات تأتي من درعا والسويداء والقنيطرة ومن الغاب إلى سوق الهال، لكن هذه القلة بالتوريد للسوق المركزي يقابله طلب متزايد من المطاعم والمنشآت الغذائية لصنع الشيبس، وأشاروا إلى التكاليف العالية سواء لجهة الأسمدة والمبيدات الزراعية، وحراثة الأراضي، أو لجهة النقل والشحن للسيارات القادمة إلى الزبلطاني، والتي باتت مرتفعة للغاية خاصة بعد ارتفاع المحروقات الفترة الماضية، فأصغر سيارة نقل باتت تتقاضى أجرة تتجاوز المليون ونصف المليون ليرة من درعا إلى دمشق.
عضو لجنة الخضار والفواكه في سوق الهال أسامة قزيز أوضح أن كميات البطاطا المتوفرة بالأسواق، جزء منها ما كان مبرداً ومخزناً ويتمّ بيع 200 طن منها وذلك لضمان وجودها، وما تبقى هي كميات لا تزال تأتي من محافظتي ريف دمشق والقنيطرة، حيث يتمّ بيع نحو 100 طن تقريباً منها. وبيّن قزيز أن موسم البطاطا التشريني سيبدأ في نهاية شهر تشرين الثاني وسيستمر لمدة تتراوح لمدة شهر ونصف، وبعد ذلك ستتوفر البطاطا المصرية بأسعار مناسبة لتعويض النقص الحاصل.
تدخل متأخر
رغم استجرار السورية للتجارة الفترة الماضية كميات وفيرة من محصول البطاطا من حقول الفلاحين من حوران وحماة وحمص وبأسعار أقل من 1300 ليرة، إلا أنها تأخرت بطرح المادة في صالاتها التابعة لها، وخاصة بعد وصول السعر للمرة الأولى منذ شهر إلى 5 آلاف ليرة للكيلو الواحد، وحتى اليوم لا زالت أسعار البطاطا ترتفع وكأن شيئاً لم يكن، في ظل اقتناع السورية للتجارة بسعر 3500 ليرة الذي طرحته للمواطن بالأسواق، وكالعادة فإن السورية للتجارة -وفق محمد القاسمي خبير اقتصادي- تلحق السوق السوداء بالسعر، وكأنها في سباق ماراثوني، وشعارها الحفاظ على سعر أقل من السوق بـ20 إلى 30 بالمئة، حتى لو وصل السعر إلى عشرة آلاف ليرة للكيلو الواحد، فالمهمّ بنظرها أن المادة موجودة بصالاتها وأقل من الأسواق.
بدورها السورية للتجارة نفت عدم طرح البطاطا في صالاتها بالشكل المتواصل، مشيرة إلى أنها تطرح يومياً بين 10 و15 طناً من البطاطا بسعر 3500 ليرة كنوع أول، وذلك بحسب احتياجات السوق، حيث إن التدخل الايجابي حسب قولها ساهم في كسر السعر بالسوق المحلية وهو ما سيساهم بالأيام المقبلة في كسر السعر أكثر.
الخبير التنموي والزراعي أكرم عفيف أرجع مسألة ارتفاع البطاطا حالياً، في كون الأسواق تشتعل بنار تكاليف المدخلات التي زادت أكثر من السابق، وبأضعاف مضاعفة تصل إلى نسبة 300 بالمئة، مثل مادة المازوت المستخدمة في ري المحاصيل والمزروعات، وعمل الجرار الزراعي بالقلع والحراثة، وكذلك في نقل المحصول للأسواق، وحتى الأكياس ارتفعت ووصل الطن الواحد إلى أكثر من 30 مليون ليرة، ليكون الفلاح خاسراً بارتفاع التكلفة عليه، ما جعل مادة البطاطا تصل إلى الأسواق بأسعار كاوية لا تتناسب أبداً مع القدرة الشرائية المتدنية، مشيراً إلى أن الزراعة تحتاج لدينا في الوقت نفسه إلى تخطيط ودراسات في معرفة حاجة السوق والكميات الفائضة، كما تحتاج الأسواق، بدورها، للتدخل من قبل السورية للتجارة بأسعار تتماشى مع قدرة المواطن وسدّ حاجته من الحصول على هذه المادة، وبيّن أن هذا العام يختلف عن غيره من الأعوام الأخرى، خاصة وأن أسعار البطاطا كانت معقولة تباع بسعر تحت 2500 ليرة، فالعام 2021 طرحت السورية للتجارة البطاطا بالأسواق بسعر 1500 ليرة، وعام 2022 طرحتها بسعر 2000 ليرة، لكن اليوم المؤسسة تطرح البطاطا بسعر مضاعف بـ3500 ليرة، في وقت تصل البطاطا المالحة بالسوق السوداء إلى بين 6 و7 آلاف ليرة والبطاطا الحلوة بسعر 5.500 ليرة.